للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثاً: حسن الفهم:

إن الفهم قدرة عقلية تتفاوت بين الناس في قوتها وضعفها , فحسن الفهم يجعل الحوار يسير بيسر وسهولة , وذلك من خلال وضوح أفكار الموضوع وأبعاده المطروحة لكلا المتحاورين , فتسلحهما بالفهم الصحيح يختصر الطريق ويقرب المسافات (١). وأما ضعيف الفهم , فهو يعيق سير الحوار , فقد يحتاج إلى تكرار الفكرة المطروحة وبيانها عدة مرات , مما يجعل الحوار يطول , وتتخلله السآمة والملل , وكذلك قد يفهم تلك الفكرة على غير مراد قائلها , فترتفع الأصوات ويُثار الغضب , ويخرج الحوار عن مساره الصحيح.

ومما لا شك فيه , أن اختيار الرسول - صلى الله عليه وسلم - لمصعب بن عمير - رضي الله عنه - لتبليغ الدين الإسلامي في المدينة كان موفقا , فقد اختاره من بين كبار الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين , وذلك لما رأى - صلى الله عليه وسلم - فيه من الصفات العظيمة التي تؤهله لأداء رسالة الإسلام في المدينة على أكمل الوجوه , والتي كان منها حسن الفهم؛ من خلال ما يتلقاه من علم في دار الأرقم بن أبي الأرقم - رضي الله عنه - , وكذلك حسن فهمه في تعامله مع الناس , وتعامله مع الصعوبات التي واجهته بعد دخوله في الإسلام؛ الأمر الذي جعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعزم على إرساله إلى المدينة (٢).

رابعاً: السعي وراء الهدف من الحوار ما أمكن, وهو الوصول إلى الحق , مع عدم الإصرار على إقناع الطرف الآخر:

ومما يحقق للحوار أهدافه؛ رضا الطرفين في الحوار على ما يصلون إليه من الحق في حوارهم , حتى ولو كان ذلك في صالح الطرف الآخر؛ لأن الهدف


(١) عاشور , سعد عبدالله: مصدر سابق, ص ١٠١.
(٢) سبق الإشارة إليه ص ٢٦.

<<  <   >  >>