للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحسنة؛ لأنه يعرف أن المقابلة بالمثل سيكون معولاً هداماً لسير عملية الحوار , فيتوقف بذلك الحوار , ويعجز عن تحقيق الهدف المنشود.

خامساً: العزة والثبات على الحق:

لا بد للمؤمن أن يعتز بدين الله ويثبت على الحق في جميع المواطن , ولا يرخص نفسه ولا يذلها , يقول تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (٢) , فعندما يكون المؤمن معتزاً بدينه ثابتاً على الحق , يعينه ذلك على نجاحه في حواراته بإذن الله , فهو يرسل إلى مقابله من خلال شخصيته الإسلامية وثقته بموعود الله رسائل عزة وقوة وثقة بما جاء به , فتجد سريعاً ما يذعن مُحاوره إلى كلامه ورأيه , وإن أنكر ظاهره.

لذا يجد الباحث أن مصعب بن عمير - رضي الله عنه - أعز نفسه بهذا الدين , وثبت على الحق , فعندما علمت أمه بمقدمه أرسلت إليه وقالت: " يا عاق , أتقدم بلدا أنا فيه لا تبدأ بي؟ فقال: ما كنت لأبدأَ بأحدٍ قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم ذهب إلى أمه , فقالت: إنك لعلى ما أنت عليه من الصَّبْأَةِ بعدُ! قال: أنا على دين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الإسلام الذي رضي الله لنفسه ولرسوله .... وجعلت تبكي , فقال مصعب - رضي الله عنه -: يا أماه إني لكِ ناصحٌ عليك شفيقٌ , فاشهدي أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله " (٣).

فلم يتوانَ مصعب بن عمير - رضي الله عنه - ولم يتردد بالبدء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - , لأنه يعلم أن حق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعظم من حق أمه فثبت على ذلك , ثم اعتز وافتخر


(١) سورة المنافقون: آية (٨).
(٢) ابن سعد: مصدر سابق , ٣/ ٨٨.

<<  <   >  >>