للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فُرجةٍ بين سابغة الدرع (١) والبيضة (٢)، فطعنه بحربته فسقط أبي عن فرسه، ولم يخرج من طعنته دم، فكسر ضلعا من أضلاعه، فأتاه أصحابه , وهو يخور خوار الثور، فقالوا له: ما أعجزك إنما هو خدش , فذكر لهم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بل أنا أقتل أُبَيًّا» ثم قال: والذي نفسي بيده لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعين. فمات أُبَيُّ إلى النار، فسحقا لأصحاب السعير قبل أن يقدم مكة فأنزل الله {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} (٣) (٤).

وما زال يقاتل مصعب بن عمير - رضي الله عنه - دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه لواؤه حتى قُتل، فكان الذي أصابه ابن قميئة الليثي، وهو يظن أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعن محمد بن شرحبيل قال حمل مصعب اللواء يوم أحد فلما جال المسلمون ثبت به مصعب فاقبل ابن قميئة فضرب يده اليمنى فقطعها ومصعب يقول: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} (٥) ,وأخذ اللواء بيده اليسرى وحنا عليه فضربها فقطعها فحنا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره وهو يقول: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} , ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فأنفذه , وقد قال ابن سعد وقال عبد الله بن الفضل قتل مصعب وأخذ اللواء ملك في صورته فجعل


(١) ودرع سابغة أي: تامة وافرة طويلة واسعة. الحسيني , محمد بن محمد: تاج العروس من جواهر القاموس, دار الكتب العلمية , بيروت , ط١ , ١٤٢٨هـ , ٢٢/ ٢٦٣.
(٢) والبيضة من السلاح, سميت بذلك لأنها على شكل بيضة النعام. ابن منظور: مصدر سابق, ٧/ ١٢٥.
(٣) سورة الأنفال: آية (١٧).
(٤) الحاكم: مصدر سابق ,كتاب التفسير , باب تفسير سورة الأنفال , ٢/ ٣٥٧ , رقم ٣٢٦٣.
(٥) سورة آل عمران: آية (١٤٤).

<<  <   >  >>