للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيستطيع المربي أن يجعل من هذا الأسلوب الحواري مسلكاً لبيان الطريق الصحيح , والتحذير والتنبيه مما يُلحق بالمتربي الضرر , ولا بأس في استعمال التوبيخ أحياناً للمخالف بعد أن حُذر ونُبه.

٤ - قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٦٠)} (١).

دار هذا الحوار بين إبراهيم عليه السلام وبين ربه عز وجل, فكان عليه السلام يريد أن يرى قدرة الله سبحانه في إحياء الموتى , فأعطاه الله جل وعلا دلالة حسية وبرهاناً على قدرة الله سبحانه وتوحده جل وعلا بالإحياء (٢).

وهذا الأسلوب الحواري من أرقى الأساليب الحوارية المقنعة والناجحة؛ ذلك لأن المحاور يحرص على تدعيم كلامه بالبرهان الصحيح والدليل القاطع؛ ليصل إلى بيان الحقيقة وإقناع الطرف الآخر , وقد يكون البرهان آيةً أو حديثاً أو قولاً لعالم , وقد يكون من خلال التجربة الواقعية.

فالقرآن الكريم مليء بالمواقف الحوارية , ولا يكاد يخلو جزءٌ منه من مواقف حوارية , وقد جاءت بصورٍ كثيرة , فهناك حوارات كثيرة تمثلت في حوار الله جل وعلا مع أنبيائه عليهم السلام , وكذلك ما كان بين رسل الله عليهم السلام وأقوامهم , كموسى عليه السلام مع قومه , ويوسف عليه السلام مع إخوته وإبراهيم عليه السلام مع والده وقومه وعيسى عليه السلام , وبعضها


(١) سورة البقرة: آية (٢٦٠).
(٢) السعدي: مصدر سابق , ص١١٢.

<<  <   >  >>