للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (١٧٤)} (١) , قال ابن كثير رحمه الله: " وهو الدليل القاطع للعذر والحجة المزيلة للشبهة " (٢) , فالعلم لا بد له من دليل , قال ابن القيم رحمه الله: " العلم ما قام بدليل " (٣) , فإيراد الدليل في الحوار يكون أدعى للقبول والإجابة , ويعطي المحاور ثقةً بنفسه , ويشعر الخصم قوة وحقيقة ما جاء به ذلك المحاور.

وكذلك العلوم الإنسانية والطبيعية لا بد للمحاور أن يسوق معها في حواره ما يدعّم كلامه من تجارب وبراهين.

وأما حوار مصعب بن عمير - رضي الله عنه - فقد ساق في عرضه للإسلام والدعوة إليه دليلاً يدعم العلم والدين الذي أُرسل من أجله , ومن العجيب أنه - رضي الله عنه - لم يقرأ أي آية , بل اختار ما يناسب الحال , وهذا من ذكائه - رضي الله عنه - , فعندما جاءه سعد بن معاذ - رضي الله عنه - قرأ عليه قول الله تعالى: {حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣)} (٤) (٥) , يقول السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآيات: " هذا قسم بالقرآن على القرآن، فأقسم بالكتاب المبين وأطلق، ولم يذكر المتعلق، ليدل على أنه مبين لكل ما يحتاج إليه العباد من أمور الدنيا والدين والآخرة. {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} هذا المقسم عليه، أنه جعل بأفصح


(١) سورة النساء: آية (١٧٤).
(٢) ابن كثير: مصدر سابق , ٢/ ٤٢٨.
(٣) ابن القيم: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين , دار الكتاب العربي , بيروت , ط٣ , ١٤١٦هـ , ٢/ ٤٤٢.
(٤) سورة الزخرف: آية (١ - ٣).
(٥) الهيثمي: مصدر سابق , باب ابتداء أمر الأنصار ... , ٦/ ٤١ , رقم ٩٨٧٦.

<<  <   >  >>