للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك مع جميع الناس بعيدهم وقريبهم, يقول سبحانه: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} (١) , وجعل القول الأحسن مرتبة عليا للمسلمين , قال جل وعلا: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (٥٣)} (٢) في كلامهم وحواراتهم وخطاباتهم بين بعضهم إلى بعض , يقول الطبري رحمه الله في هذه الآية: " وقل يا محمد لعبادي يقل بعضهم لبعض التي هي أحسن من المحاورة والمخاطبة " (٣) , وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «الكلمة الطيبة صدقة» (٤) , فقد كان - صلى الله عليه وسلم - قدوةً حسنةً في القول الحسن, وكان - صلى الله عليه وسلم - بعيداً كل البعد عن الفحش من القول , فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول: «إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً» (٥) , لذلك يلزم المحاور التحلي بالكلمة الطيبة والقول الحسن حتى مع غير المسلمين , ويختار كذلك العبارة المناسبة , التي تليق بمقام الطرف الآخر , وبما يكون مناسباً للجو العام في الحوار.

وإذا تتبع القارئ حوارات مصعب بن عمير - رضي الله عنه - , يجد حرصه على الكلمة الطيبة , وانتقاء العبارات المناسبة , رغم الذي يلاقيه من فحش القول. فعندما كان في المدينة ومعه أسعد بن زرارة - رضي الله عنه - , جاءهما أسيد بن حضير - رضي الله عنه - " فوقف عليهما متشتّما، قال: ما جاء بكما إلينا تسفّهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا إن كانت


(١) سورة البقرة: آية (٨٣).
(٢) سورة الإسراء: آية (٥٣).
(٣) الطبري: تفسير الطبري , دار هجر , الجيزة , ط١ , ١٤٢٢هـ , ١٤/ ٦٢٣.
(٤) البخاري: مصدر سابق , كتاب الأدب, باب كل معروف صدقة, ٨/ ١١ , رقم ٦٠٢٢.
(٥) المصدر السابق , كتاب المناقب, باب صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - , ٤/ ١٨٩, رقم ٣٥٥٩.

<<  <   >  >>