للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان غير مفيد ولا مأمور به، وفي ذم الخوض بالباطل، حث على البحث، والنظر، والمناظرة بالحق " (١).

وفي حوارات النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعاملاته مع الناس يستعمل - صلى الله عليه وسلم - الإعراض أحياناً , فعندما تخلّف كعب بن مالك - رضي الله عنه - عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أعرض عنه , يقول كعب - رضي الله عنه -: " ... فأعرض عني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر الناس أن لا يكلمونا ... " (٢) , فما أعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لخطأ فادح قد ارتُكب.

لذا أعرض مصعب بن عمير - رضي الله عنه - عن أخيه أبي عزيز , وذلك مقابل تأييده ووقوفه مع أمه ضد مصعب بن عمير - رضي الله عنه - , فعندما وقعت غزوة بدر وانتصر المسلمون وكان من بين الأسرى " أبو عزيز بن عمير، أسره أبو اليسر ثم اُقْتُرِعَ عليه فصار لمُحرِزِ بن نضلة، وأبو عزيز أخوه مصعب بن عمير لأمه وأبيه. فقال مصعب لمُحْرِزٍ: اُشدُدْ يديك به، فإن له أُمّا بمكة كثيرة المال. فقال له أبو عزيز: هذه وصاتُك بي يا أخي؟ فقال مصعب: إنه أخي دونك! فبَعَثَتْ أُمّهُ فيه بأربعةِ آلافٍ، وذلك بعد أن سألت أغلى ما تُفَادِي به قريش، فقيل لها أربعةُ آلافٍ" (٣) , فكان أبو عزيز يكلم أخاه مصعباً - رضي الله عنه - فلا يجيبه , فيعرض عنه مصعب بن عمير - رضي الله عنه - لفظاً ويجعل كلامه إلى محرزٍ - رضي الله عنه - , وما ذاك إلا من شنيع ما قابله مصعبٌ - رضي الله عنه - من سجنٍ وتعذيب , ولما يعرف من عداوة أخيه؛ لذا فدت به أمه بأربعة آلاف , ثم إن أبا عزيز خرج مع أمه مرة أخرى لقتال المسلمين في غزوة أحد (٤).


(١) السعدي: مصدر سابق , ص٢٦٠.
(٢) ابن حنبل: مصدر سابق , (٢٥/ ٥١) , رقم ١٥٧٧١. حديث صحيح.
(٣) الواقدي: مصدر سابق, ١/ ١٤٤.
(٤) ابن هشام: مصدر سابق , ٢/ ٦٠.

<<  <   >  >>