للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد أعطى الله الحرية في ابداء الرأي على شرط ألا يتنافى ذلك الرأي مع تعاليم الإسلام، فأمر المسلم أن يقول كلمة الحق أمام كل أحد لا تأخذه في الله لومة لائم، وجعل ذلك من أفضل الجهاد، وأمره أن يناصح ولاة أمور المسلمين، وينهاهم عن المخالفات، وأمره أن يرد على من يدعو إلى الباطل وينهاه، وهذا أعظم وأجمل نظام لاحترام الرأي، أما الرأي المخالف لشريعة الله فلا يسمح لصاحبه بإظهاره؛ لأنه هدم وفساد ومحاربة للحق (١) , فبذلك يستطيع المحاور المسلم أن يميز بين الحق والباطل , ويستطيع الطرف الآخر كذلك أن يميز.

ولا يقتصر هذا الأثر على الدين فحسب , ففي العلوم الدنيوية لا بد فيها من تمييز الصواب من الخطأ , وذلك بحسب الأدلة والبراهين التي تقوي جانب الصواب وتظهره.

أما مصعب بن عمير - رضي الله عنه - فقد ميّز بنفسه الحق من الباطل , فترك دين آبائه ودخل الدين الإسلامي معلناً إسلامه , ثم في حواراته المنهجية استطاع أن يبيِّن للطرف الآخر الحق , وأن يجعله يميز الحق من الباطل الذي كان عليه , فعندما جاءه أسيد بن حضير - رضي الله عنه - أخذ يكلمه عن الإسلام , ويعلمه شيئاً من تعاليمه السمحة , وقرأ عليه من القرآن , فعرف بذلك أسيد بن حضير - رضي الله عنه - الحق , فأشرق وجهه وتهلل ودخل الإسلام , وكذا فعل مصعب بن عمير - رضي الله عنه - مع سعد بن معاذ - رضي الله عنه - فأسلم (٢) , فكان لمعرفتهم الحق أثرٌ كبيرٌ في دحض الباطل وأهله.


(١) آل عمر , عبد الرحمن بن حماد: دين الحق ,وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد , المملكة العربية السعودية , ط٦ , ١٤٢٠هـ , ص٩٥.
(٢) ابن هشام: مصدر سابق , ١/ ٤٣٥.

<<  <   >  >>