وركب ناقة له فائقة، فقال له ابن عم له: ما أحسن هيأتك يا ذكوان،
لو كنت أدركت ما صُنع بأمك، قال: وإن ذاك مما يؤنب به؟ قال
ابن عمه لعز - أي لشد ما - فاستنجد ذكوان ابن عم له، فخرجا حتى أتيا غالباً بالحزن متنكرين،
وهو على ذات الجلاميد، فلم يقدرا له على غرة، حتى تحمل يريد كاظمة فعرضا له، فقال ذكوان:
أتبيعني هذا البعير، وهو أكثرها معاليق؟ فقال الفرزدق: نعم. قال: فحط عنه حتى أنظر إليه، فأناخوا
فحطوا عنه، فقال: لا أريده ومضى. فشُغل الفرزدق ومن معه بإعادة الجهاز على البعير، حتى لحق
ذكوان غالباً وهو محمل، وعديلته أم الفرزدق لينة بنت قرظة فعقر بعيرهما، ثم عقر بعير جعثن بنت
غالب، وهي أخت الفرزدق، ثم هرب هو وابن عمه. فزعم مليص الفقيمي أن غالباً لم يزل وجعا
منها حتى مات بكاظمة، فذلك قول جرير:
وامْدحْ سَرَاةَ بني فُقيمٍ إنَّهم ... قتلُوا أباكَ وثأرُهُ لم يُقتلِ
وقال في تصداق ذلك ذكوان بن عمرو:
زعمتُمْ بني الأقيانِ أنْ لَنْ نُضُركُمْ ... بَلَى والذي تُرْجَى إليه الرَّغائِبُ
ويروى زعمتم بني رغوان.
لقد عضَّ سيفي ساقَ عودِ فتاتكم ... وخرَّ على ذاتِ الجلاميدِ غالبُ
فكُدِّحَ منه أنفُه وجبينُه ... وذلك منه إن تبينتَ جالبُ
أي عليه جلبه. وقال جرير أيضاً ينعى ذلك على الفرزدق: