وخُمس إبله. وانحدروا من المدينة إلى لصاف، فحبسوه عند أُمهم الرباب
بنت قرط إحدى نساء بني جرول بن نهشل فقال ضابيء:
مَنْ مُبلغُ الفتيانِ عَنِّي رِسَالةً ... بأَنِّي أَسيرٌ رَبَّتي أُمُّ غَالِبِ
ويروى في يدي أم غالب، فقالت أمهم: والذي أنا أمة له ليطلقن، فأطلق وأخذ ضابئ بعد ذلك ثمامة
بن عبد الله بن هوذة بإثبيت فضربه وشجه، فاستعدوا عليه عثمان رضي الله عنه، فأرسل عثمان،
فشُخص به إلى المدينة، فسأل بني عبد الله البينة على ما ادَّعوا من ضرب ضابئ أخاهم، فلم تكن لهم
بينة، فحبس عثمان ضابئاً في السجن، فعرض ذات يوم أهل السجن، فخرج ضابئ وقد شد سكَّيناً
على ساقه يريد أن يفتك بعثمان ففطن له، وأُخِّر فضُرب بالسياط، وأُمر به فحُبس، فقال ضابئ في
حبسه، وفيما همَّ به من قتل عثمان رضي الله عنه:
من قافِلٌ أدَّى الإلهُ ركابهُ ... يُبلِّغُ عنِّي الشِّعرَ إذ ماتَ قائِلُهْ
فلا يَقبلَنْ بعدي امرُؤٌ ضيمَ خُطَّةٍ ... حِذارِ لِقاءِ الموتِ فالموتُ نَائِلُهُ
ولا تُتبعنِّي إن هلكتُ ملامةً ... فليس بعارٍ قتلُ منْ لا أُقاتلُه
فإني وإيَّاكم وشَوقاً إليكُمُ ... كَقابضِ ماءٍ لم تسقهُ أَناملُه
هممتُ ولم أفعلْ وكِدتُ وليتَني ... تُركتُ على عثمانَ تَبْكي حلائلُه
وقائلةٍ إنْ ماتَ في السِّجْنِ ضَابئٌ ... لنعمَ الفَتَى نخْلُو به ونُداخِلُهُ
وقائلةٍ لا يبعدنْ ذلك الفتى ... إذا احمرَّ منْ بردِ الشِّتاءِ أصائِلُهُ
وقائلةٍ لا يُبعدُ الله ضابئا ... إذا الكبشُ لم يوجد له من يُنازلُه
وقائلةٍ لا يبعدنْ ذلك الفتى ... إذا العزبُ التَّرعيُّ شَصَّ شوائِلُه
الترعي البصيرُ بالرعي، الشصوص التي لا لبن لها.