فغدوتما وكلاكما متبرع ... ندب الموالي إذ أراد نضالا
فدعا الفرزدق حاجبا وعُطاردا ... والأقرعين وحابسا وعقالا
ودعوت قنة والمعيد وقرهدا ... والمعرضين وخيطفا وثمالا
سبق الفرزدقبالمكارم والعلا ... وابن المراغة ينعت الاطلالا
قال ومعيد، يعني جد جرير أبا أمه. والمعرضان يريد معرضا وأخاه. قال وهما من أخوال جرير من
الحارثة - قال أبو عبد الله لا أعرفه إلا من بني الحرام - والخيطفي جده وهو حذيفة بن بدر بن
سلمة. وكان معرض يحمق، قال وكان مما ذكر من حماقته، أن اخوته غزوا في الجاهلية وخلفوه عند
أهلهم، وقالوا له تكون عند نسائنا أن يسبين. قال فلما ذهب اخوته، أتى النساء وأولادهن، فأتى بهن
ركية واسعة يقال لها الجوفاء، بشبكة من شباك بني كليب فألقاهم فيها أجمعين. قال وكان فم الركية
ضيقا وأسفلها واسعا. قال ثم أخذ صفيحة واسعة فأطبقها عليهم. ثم اتبع اخوته فلما لحق بهم، قالوا له
لم تركت نساءنا أولادهن. قال قد جلجلتهن في الجوفاء جلجالة. قال فرجعوا فأخرجوهم وقد مات
بعضهم. وكاد بعضهم يموت من الجوع والغم. قال وكان من حماقته أيضا أنه كان في قطعة لقاح
لأهله. قال فجعلت تنزع إلى الرمل وما أنبتت الرمال من الضعة. وهي النصي، والصليان،
والفرنوة، والحلمة، والحماط، وهو الحماض، وما أنبت الرمل من سائر نباته، وهم بالشباك. قال وهذه
كلها مما ترعاه الإبل، وتسمن عليه. قال فلما أصبح واصطبح من لقاحه وأراد أن ينام، خشي أن
تذهب الإبل. قال فأخذ حبالا له فربط بها أولادها في أعناقها إلى خشب الطلح. قال وكان شديدا قوي
الأصل ثابتا في الأرض. ثم نام فلم يستيقظ حتى كان عشية. قال فتخنقت الفصال وموتت. قال فأتى
أهله يمشي