وقال جرير للفرزدق، وآل زبرقان بدر البهدليين، ويخص عيّاشاً، وإخوته، وأمهم هنيدة بنت
صعصعة، عمة الفرزدق، وكانت تسمى ذات الخمار. قال: وهو لقولها: من جاء من نساء العرب
بأربعة رجال، يحل لها أن تضع خمارها عندهم كأربعتي، فصرمتي لها: أبي صعصعة، وأخي
غالب، وخالي الأقرع، وزوجي الزبرقان بن بدر:
أمِنْ عهدِ ذي عهد تفيضُ مدامعي ... كأنّ قذَى العينينْ مِنْ حَبّ فُلفُلِ
ويروى دموعه. وقوله أمن عهد ذي عهد، أي مكان قد كنت عهدته، ثم أحدثت به عهداً تفيض
مدامعي، وقوله من حبّ فلفل، أي كأن الذي وقع في عيني من القذى، حب فلفل، فهو أكثر لدمعها.
فإن يرَ سلمى الجِنُ يَستَأنسوا بها ... وإنْ يرَ سلمى راهبُ الطُورِ ينزل
مِنَ البِيضِ لم تَظعَنْ بعيداً ولمْ تطأ ... على الأرض إلا نيرَ مرط مُرَحّل
قوله مرحل، يعني معلماً. يقول: لم تلبس إلا مرطاً، وهو إزار من خَزّ معلم، وقال بعضهم: يكون
المرط أيضاً من الصوف معلماً، وهو أيضاً المرحّل، والمرحّل المنقوش على عمل الرحال.
إذا ما مَشتْ لمْ تنتهزْ وتأوّدَتْ ... كما أنآدَ مِنْ خيل وَج غير مُنعَل
تأودت تثنّت في مشيتها من سمنها ونعيمها، كمشي هذا الذي يمشي وهو وج حَفِ، فهو يمشي ويتّقي
على قدميه، لا يطأ عليهما وطئاً شديدا.
كما مالَ فضلُ الجُلّ عَنْ متن عائِذ ... أطافَتْ بِمُهرٍ في رباط مُطَولِ