الرحمن بن جوشن، قال: تبعت جنازة، فلما كنت في سوق الإبل، إذا رجل على فرس شهباء متلفع بساج - أي طيلسان –
وفي يده لواء وهو يقول: أيها الناس، إني أدعوكم إلى ما لم يدعكم إليه أحد قبلي، إني أدعوكم إلى العائذ
بالحرم، عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - قال: فتجمع إليه نويس، فجعلوا يصفقون على
يديه، ومضينا حتى صلينا على الجنازة، فلما رجعنا، إذا هو قد تأوى إليه أكثر من الأولين، فأخذ بين
دار قيس بن الهيثم بن أسماء بن الصلت السلمي، ودار الحارثيين قبل بني تميم، في الطريق التي
تأخذ إليهم وقال: ألا من أرادني، فأنا سلمة بن ذؤيب بن عبد الله بن ملحم بن زيد بن رياح بن يربوع
بن حنظلة. قال فلقيني عبد الرحمن بن أبي بكرة، عند الرحبة فأخبرته بخير سلمة بعد رجوعي، فأتى
عبد الرحمن عبيد الله فحدثه بالخبر عني، فبعث إلي، فأتيته، فقال: ما هذا الذي خبّرني به عنك أبو
بحر؟ قال: فاقتصصت عليه أول الحديث، حتى أتيت على آخرة، فأمر بالقبض - أي العطا - على
المكان، فنودي الصلاة جامعة. قال: فتجمع الناس، فأنشأ عبيد الله يقتص أول أمره وأمرهم، وما قد
كان دعاهم إلى من يرضون به، فيبايعه معهم، وإنكم أبيتم غيري، ثم إنه بلغني إلى من يرضون به،
فيبايعه معهم، وإنكم أبيتم غيري، ثم إنه بلغني أنكم مسحتم أكفكم بالحيطان، وباب الدار، وقلتم ما قلتم،
وإني آمر بالأمر فلا يُنفذ، ويرد علي رأيي، وتحول القبائل بين أعواني وطلبتي، ثم هذا سلمة بن
ذؤيب، يدعو إلى الخلاف عليكم، إرادة أن يُفرق جماعتكم، ويضرب بعضكم جباه بعض بالسيوف.
فقال الأحنف، وهو صخر بن قيس بن معاوية بن حصن بن النزال بن مُرة ابن عبيد بن الحارث بن
كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وقال الناس: نحن نجيئك بسلمة. قال: فأتوا باب سلمة، فإذا جمعه
قد كثُف، وإذا الفتق قد اتسع على الراتق، وامتنع عليهم، فلما رأوا ذلك، قعدوا عن عبيد الله فلم يأتوه.