فلا يخفى على المسلم فضل أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن، وما تمتعن به من منزلة سامية عند الله، وعند رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا ريب أن الصديقة بنت الصديق، الطاهرة العفيفة التي نزلت براءتها من فوق سبع سماوات بقرآن يتلى إلى يوم القيامة، عائشة - رضي الله عنها - أولاهن بهذه النعمة، وأحظاهن بهذه الغنيمة، وأخصهن من هذه الرحمة العميمة: فقد حازت قصب السبق إلى قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بين سائر أزواجه، فهي التي لم يتزوج بكرا غيرها، ولم ينزل عليه الوحي في فراش امرأة من نسائه سواها، وهي التي نالت شرف خدمة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتمريضه في أخر أيام حياته، فكان موته وهو بين سحرها ونحرها، وقبض وهو راض عنها، وقبر في بيتها، فرضي الله عن عائشة وأرضاها. وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في حقها: [كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام] متفق عليه من حديث أبي موسى - رضي الله عنه -. وفضائل أم المؤمنين عائشة كثيرة وقد عدَّ الزركشي لها أربعين خصيصة، في كتابه " الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة" فانظره.