المحبة، وهي تختص بما يحبه الله من الأمور الشرعية، وقد يقع فيها المراد، وقد لا يقع، فالله تعالى يريد الصلاة شرعاً لكن قد يصلي الإنسان وقد لا يصلي مع أن الله قد أراد الصلاة شرعاً. والإرادة الكونية على العكس يلزم فيها وقوع المراد، ولا تختص بما يحبه الله، بل تكون فيما يحبه وما يكرهه، كنحو خلق الشيطان، والكفر، والمعاصي. فإن قيل: كيف يقع ما لا يحبه - سبحانه وتعالى -، فالجواب أنه لا يقع في ملك الله إلا ما يشاء، ولا يقع في ملكه ما يكرهه كراهة مطلقة، بمعنى أن المعاصي، وإن كانت مكروهة لله من وجه، فإنها محبوبة إليه من وجه آخر، وهو ارتفاع درجة المؤمن عند مقاومتها، ووقوع الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد عند وقوعها، وكذلك الأمراض كفارة للمؤمن، ونحو ذلك. (مستفاد من شرح الشيخ العثيمين - رحمه الله - للسفارينية (ص/١٦٠)، وما بعدها، (ص/٢٨٣) وما بعدها. وللتوسع انظر "شفاء العليل" لابن القيم. (٢) وقصد الناظم هنا بيان أن الأحكام الشرعية التكليفية تستفاد من الأدلة الشرعية، وفيه إلماح للرد على المعتزلة المعظمين لعقولهم الفاسدة، والمقدمين لها على النقل. (٣) قال ابن القيم - رحمه الله - في شفاء العليل (ص/١٨): [القدر يحتج به في المصائب دون المعائب]. (٤) وقد وردت آيات كثيرة تدل على أنه لن يدخل أحداً النار إلا بعد الإعذار والإنذار على ألسنة الرسل: كقوله تعالى: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} (النساء: ١٦٥) وقوله: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ} (المائدة: ١٩)، وقوله: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَاتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} (الزمر:٧١)، وقوله: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَاتِكُمْ نَذِيرٌ. قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} (الملك:٨، ٩)، إلى غير ذلك من الآيات.