وقد بسط الشيخ العثيمين - رحمه الله - الكلام في تعريف الإيمان، ومثَّل له فقال في شرح الواسطية (ص/٤١٧): [وأما في الشرع، فقال المؤلف - رحمه الله -: " قول وعمل ". وهذا تعريف مجمل فصله المؤلف - رحمه الله - بقوله: " قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح ". فجعل المؤلف - رحمه الله - للقلب قولاً وعملاً، وجعل للسان قولاً وعملاً. أما قول اللسان؛ فالأمر قيه واضح، وهو النطق، وأما عمله؛ فحركاته، وليست هي النطق، بل النطق ناشئ عنها إن سلمت من الخرس. وأما قول القلب؛ فهو اعترافه وتصديقه. وأما عمله فهو عبارة عن تحركه وإرادته؛ مثل الإخلاص في العمل، فهذا عمل القلب، وكذلك التوكل والرجاء والخوف؛ فالعمل ليس مجرد الطمأنينة في القلب، بل هناك حركة في القلب. وأما عمل الجوارح؛ فواضح ركوع، وسجود، وقيام، وقعود، فيكون عمل الجوارح إيماناً شرعاً؛ لأن الحامل لهذا العمل هو الإيمان ... هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة. وشموله لهذه الأشياء الأربعة لا يعني أنه لا يتم إلا بها، بل قد يكون الإنسان مؤمناً مع تخلف بعض الأعمال، لكنه ينقص إيمانه بقدر ما نقص من عمله. وخالف أهل السنة في هذا طائفتان بدعيتان متطرفتان: الطائفة الأولى: المرجئة، يقولون: إن الإيمان هو الإقرار بالقلب، وما عدا ذلك فليس من الإيمان!!. ولهذا كان الإيمان لا يزيد ولا ينقص عندهم؛ لأنه إقرار القلب، والناس فيه سواء، فالإنسان الذي يعبد الله آناء الليل والنهار كالذي يعصي الله آناء الليل والنهار عندهم، ما دامت معصيته لا تخرجه من الدين!! ... الطائفة الثانية: الخوارج والمعتزلة؛ قالوا: إن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، وأنها شرط في بقائه، فمن فعل معصيته من كبائر خرج من الإيمان. لكن الخوارج يقولون: إنه كافر، والمعتزلة يقولون: هو في منزلة بين منزلتين، فلا نقول: مؤمن، ولا نقول: كافر، بل نقول: خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر، وصار في منزلة بين منزلتين. هذه أقوال الناس في الإيمان.]