وقال الإمام ابن القيم في زاد المعاد (٣/ ٣٠): (أما قول ابن عباس: أنه رآه بفؤاده مرتين فإن كان استناده إلى قوله تعالى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} (لنجم:١١)، ثم قال: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}، والظاهر أنه مستنده فقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أن هذا المرئي جبريل رآه مرتين في صورته التي خلق عليها، وقول ابن عباس هذا هو مستند الإمام أحمد في قوله: رآه بفؤاده والله أعلم. وأما قوله تعالى في سورة النجم: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} (لنجم:٨)، فهو غير الدنو والتدلي في قصة الإسراء، فإن الذي في (سورة النجم) هو دنو جبريل وتدليه كما قالت عائشة، وابن مسعود، والسياق يدل عليه فإنه قال: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} (لنجم:٥)، وهو جبريل {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى. وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى. ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} (النجم/ ٦: ٨)، فالضمائر كلها راجعة إلى هذا المعلم الشديد القوى وهو ذو المرة أي: القوة، وهو الذي استوى بالأفق الأعلى، وهو الذي دنى فتدلى، فكان من محمد - صلى الله عليه وسلم - قدر قوسين أو أدنى. فأما الدنو، والتدلي الذي في حديث الإسراء فذلك صريح في أنه دنو الرب تبارك، وتدليه، ولا تعرض في (سورة النجم) لذلك بل فيها أنه رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى، وهذا هو جبريل رآه محمد - صلى الله عليه وسلم - على صورته مرتين: مرة في الأرض، ومرة عند سدرة المنتهى، والله أعلم). وهذا مما يؤيد عدم وهم شريك في موضع الشاهد.