للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نقل المروذي ويعقوب بن بختان، وأبو طالب: لا يكفر، قال في رواية أبي طالب: "من قال القرآن مخلوق فهو كافر ومن لا يكفر من قال القرآن مخلوق فلا يكفره" وكذلك نقل المروذي في قوم بطرسوس (١) يكفرون من لا يكفر فقال: ما سمعت في هذا شيئا. هذا على طريق التوكيد بمعرفة شيء في تكفيرهم، فكأن مذهبه أنهم يكفرون يعنى الجهمية ولا يكفر من لا يكفرهم. فظاهر هذا أنه لم يكفرهم فكذلك نقل أبو طالب.

وقيل له أهل الثغر يكفرون من لا يكفر (٢)


= الموانع، يبين هذا أن الإمام أحمد وعامة الأئمة الذين اطلقوا هذه العمومات، لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه فإن الإمام أحمد -مثلًا- قد باشر "الجهمية" الذين دعوه إلى خلق القرآن، ونفى الصفات وامتحنوه وسائر علماء وقته .. ثم إن الإمام أحمد دعا للخليفة وغيره ممن ضربه وحبسه واستغفر لهم، وحللهم مما فعلوه من الظلم والدعاء إلى القول الذى هو كفر، ولو كانوا مرتدين عن الإسلام لم يجز الاستغفار لهم فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنة والإجماع.
وهذه الأقوال والأعمال منه ومن غيره من الأئمة صريحة في أنهم لم يكفروا المعينين من الجهمية، الذين كانو يقولون: القرآن مخلوق وأن الله لا يرى في الآخرة. وقد نقل عن أحمد ما يدل على أنه كفر به قومًا معينين فإما أن يذكر عنه في المسألة روايتان وفيه نظر.
أو يحمل الأمر على التفصيل فيقال: من كفر بعينه: فلقيام الدليل على أنه وجدت فيه شروط التكفير وانتفت موانعه، ومن لم يكفره بعينه فلإنتفاء ذلك في حقه هذا مع اطلاق قوله بالتكفير على سبيل العموم. "مجموع الفتاوى (١٢/ ٤٨٧ - ٤٨٩) وانظر شرح الطحاوية ص ٣٣٨ - ٣٤٨) ورسالة في حكم من يكفر غيره من المسلمين ضمن الرسائل والمسائل النجدية (٥١١ - ٥٢٢) ضوابط التكفير ص ١٩ وما بعدها.
(١) - طَرَسُوس: مدينة في الشام بين أنطاكية وحلب وبلاد الروم وهي على البحر الأبيض المتوسط شمال طرابلس. معجم البلدان ٤/ ٢٨) الأطلس الجديد للعالم ص ٤٢.
(٢) - طمس في الصفحة قرابة نصف الصفحة ولم أقف على شيء من هذه النصوص إلا أن شيخ الإسلام أشار إلى الخلاف في المسألة فقال: ثم طائفة من أصحابه -يعني أصحاب الإمام أحمد- يحكون عنه في تكفير أهل البدع مطلقًا روايتين، حتى يجعلوا المرجئة داخلين في ذلك، وليس الأمر كذلك، وعنه في تكفير من لا يكفر روايتان أصحهما لا يكفر، وربما جعل بعضهم الخلاف في تكفير من لا يكفر مطلقًا، وهو خطأ محض، والجهمية عند كثير من السلف: مثل عبد الله بن المبارك، =

<<  <   >  >>