للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مبتدع" (١) قال أبو إسحاق: قلت أنا: فلا جائز أن يقال إنه مخلوق لأن النبي قال: "الإيمان: شهادة أن لا إله إلا الله" (٢) والصلاة من الإيمان وفيها القرآن فيكون قائل ذلك كافرًا، ولا جائز أن يقال: إنه غير مخلوق، لأن رسول الله قال: "وأدناه إماطة الأذى عن الطريق" (٣)، ومن قال إماطة الأذى عن الطريق غير مخلوق فقد زعم أن أفعال العباد غير مخلوقة، وقائل ذلك كافر، فلا جائز أن يقال مخلوق ولا غير مخلوق، ولأنه لم يقله أهل العلم قبلنا.

فقد صرح بالقول بخلق الأفعال ونفي الخلق عن الأقوال، إلا أنه توقف على إطلاق القول بالخلق في الجملة والتفصيل.

وجه من نفى الخلق في الجملة (٤) أن قال: أكثر ما في ذلك أن هذه الحركات والأفعال موجودة بوجودي ومعدومة بعدمي، وهذا لا يمنع نفي الخلق بدليل صوتي بالقرآن وحركات لساني وكذلك كتابتي للقرآن ذلك الصوت وذلك المكتوب غير مخلوق، وإن كان كسبًا لي وفعلًا أثاب عليه، كذلك ههنا.

ووجه الثاني في التفصيل (٥) أن قال: القرآن والأسماء (٦) وقد دل الدليل على نفي الخلق في هذه الأشياء، أما الأفعال فهي موجودة بوجودي ومعدومة بعدمي وليس كذلك قراءتي للقرآن وكتابتي له، لأنني إذا قرأت فأنا أقرأ شيئًا قديمًا (٧) تكلم الله به قبل خلقي وخلق الأشياء، وكذلك إذا كتبت


(١) لم أقف عليه.
(٢) لعله يقصد حديث وفد عبد القيس وفيه: "أتدرون ما الإيمان؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله … " الحديث أخرجه خ. في الإيمان (١/ ١٦)، م. في الإيمان (١/ ٤٦) من حديث ابن عباس .
(٣) أخرجه م. الإيمان (١/ ٦٣) من حديث أبي هريرة .
(٤) وهو قول الشيخ أبي عبد الله الحسن بن حامد.
(٥) وهو القول المحكي عن أبي الحسن التميمي.
(٦) أي أسماء الله ﷿.
(٧) هذا القول بأن "القرآن قديم" قول غير صحيح وهو مذهب القاضي، وهو قول أبي عبد الله بن =

<<  <   >  >>