للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا يدل على أنه ظهر منه أمور كرهوها، وعلى أن خروجهم لم يقتض القتل والذبح ونهب الأموال، لأن من ظهر عليه الإمام من البغاة لا يقتله ولا ينهب ماله، وقد فعل ذلك بأهل المدينة فاسترق وجهاء منهم (١) ..... (٢) ونهبوا المال وقتلوا صبرًا، ولأنا قد بينا ما فعلوا في أهل المدينة .. (٣).

فأخرج الطبري (٤) في التاريخ بإسناده: أن أهل المدينة لما بايعوا عبد الله ابن حنظلة الغسيل الأنصاري على خلع يزيد بن معاوية وثبوا على عثمان ابن محمد بن أبي سفيان ومن بالمدينة من بني أمية ومواليهم ومن رأى رأيهم من قريش فكانوا نحوًا من ألف رجل، فخرجوا بجماعتهم حتى نزلوا دار مروان بن الحكم، فحاصرهم الناس فيها حصارًا ضعيفًا ..... (٥) فسار إليهم مسلم بن عقبة، فأباح مسلم المدينة ثلاثًا، يقتلون الناس ويأخذون الأموال، فأفزع ذلك من كان بها من الصحابة، فخرج أبو سعيد الخدري حتى دخل في كهف في الجبل، فبصر به رجل من أهل الشام فجاء حتى اقتحم عليه الغار قال أبو سعيد: فانتضيت سيفي فمشيت إليه لأرعبه لعله ينصرف عني، فأبى إلا الإقدام علي فلما رأيت أن قد جدَّ شممت سيفي وِقلت ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ [المائدة: ٢٨]، فقال: من أنت لله أبوك؟ قلت: أنا أبو سعيد الخدري، قال: صاحب رسول الله ؟ قلت: نعم، فانصرف عني.


(١) سبق أن ذكرنا ما يتعلق بدعوى الاسترقاق ص ١٠١.
(٢) مقدار أربع كلمات لم أتمكن من قراءتها.
(٣) مقدار كلمتين لم أتمكن من قراءتهما.
(٤) محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب، أبو جعفر الطبري صاحب التفسير والتاريخ قال الخطيب: كان أحد أئمة العلماء يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله … وأطال في الثناء عليه وعلى كتبه توفي سنة ٣١٠ هـ. تاريخ بغداد (٢/ ١٦٢).
(٥) مقدار أربع كلمات غير ظاهرة. ولعلها تتضمن اختصار خبر إرسال بني أمية رجلًا يخبر يزيد بما حل بهم، لأن الطبري أورد ذلك مطولًا في هذا الموضع المنقول عنه الكلام هنا.

<<  <   >  >>