للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَنَصَحَ الأُمَّةَ، وتَرَكَنَا مِنْ بَعْدِهِ عَلَى بَيْضَاءَ نَقِيَّةٍ لَا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِك. اللهم فَصَلِّ وَسَلِّمْ مِنَّا عَلَيْهِ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ وَأَزْكَى السَّلَامِ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ نَبِيَّهُ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ قُدْوَةً لِلنَّاسِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١)} [سُورَةُ الأَحْزَابِ: ٢١]. وَأَوْجَبَ اللهُ عَلَيْنَا طَاعَتَهُ، وَجَعَلَ اتِّبَاعَهُ دَلِيلًا عَلَى صِدْقِ مَحَبَّتِنَا لَهُ سُبْحَانَهُ، وَشَرْطًا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْفَوْزِ بِمَحَبَّتِهِ عَزَّ وَجَلَّ لَنَا وَمَغْفِرَةِ ذُنُوبِنَا فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (٣١)} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: ٣١].

وَلَمَّا جَعَلَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - قُدْوَةً لِلنَّاسِ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ وَأَحْوَالِهِ، فَإِنَّهُ عَصَمَهُ مِنِ ارْتِكَابِ الذُّنُوبِ وَالمَعَاصِي، وَوَقَاهُ مِنَ الوُقُوعِ فِي الخَطَأِ وَالزَّلَلِ، وَطَهَّرَهُ مِنْ فِعْلِ مَا فِيهِ عَيْبٌ أَوْ خَلَلٌ، وَجَعَلَ خَلْقَهُ وَخُلُقَهُ، وَنَعْتَهُ وحِلْيَتَهُ، وَأَعْمَالَهُ وَأَقْوَالَهُ جَمِيعًا فِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الجَمَالِ، وَأَقْصَى غَايَاتِ الكَمَالِ.

وَقَدْ تَفَنَّنَ الصَّحَابَةُ فِي وَصْفِ ذَلِكَ الجَمَالِ البَدِيعِ، وَاجْتَهَدُوا فِي الكَشْفِ عَنْ مَظَاهِرِ ذَلِكَ الكَمَالِ الرَّفِيعِ، فَاجْتَمَعَتْ مِنْ ذَلِكَ أَحَادِيثُ الشَّمَائِلِ النَّبَوِيَّةِ، وَهِيَ جُزْءٌ لَا يَتَجَزَّأُ مِنَ كتب السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ وَمصنفات الحَدِيثِ الشَّرِيفِ. إِذِ

<<  <   >  >>