للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاتِّعاظِ به، فإنّ لسماعه من قارئه في المحرابِ من عظيمِ الاتعاظِ والموقع

والتديُّن من نفوس المؤمنين ما لا خفاءَ به، فأي بدعةٍ في هذا ومخالفةٍ

للسنة! وهي سنة جميلة في تعظيمِ الدين ومصالح المسلمين وإكادةِ عدوهم.

وإقامةِ معالم دينهم وتنويرِ مساجدهم، والترغيبِ في طاعة ربهم، والتشاغلِ

بعبادته وتعظيمِ كتابه، فمن ظن هذا بدعةً من أغبياء الشيعةِ وعامّتِهم فلا حيلةَ في أمره، ومن قال ذلك وناظرَ عليه ممن له أدنى مُسْكةٍ منهم فلا شكَّ ولا شُبهةَ علينا ولا على أحدٍ في تلاحُدِه وتلاعُبِه، أو فرطِ تعصُّبه وتنقُّصه لعُمر رضوانُ الله عليه والحرصِ على بخسِه حظَّه، وتحيُّفِه فضائلَه، وتطلُّبِ العنتِ له والعيبِ عليه بما لا عيبَ فيه ولا نقيصة، ولا أقل - مع الإنصاف وترك العناد - من سلامة عمرَ من هذا الفعل، كَفافاً، لا له ولا عليه، فأما الطعنُ عليه والغضُّ منه ومن قدره لأجله فإنه إفراط في الجهل والعنادة، والله

المستعان.

فإن قيل: ما معنى قولِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما منعني أن أخرُجَ إليكم إلا خشيةَ أن تكتبَ عليكم "؟

قيل له: معنى ذلك ظاهر، وهو إيثاره التخفيفَ عن الأمة، ويمكن أن

يكونَ قد أخبره الله جلَّ وعزَّ على لسانِ جبريلَ أنه إن خرجَ إليهم وواصلَ

هذه الصلاةَ فُرِضَت عليهم، إما لإرادته فرضَها فقط على ما يذهب إليه، أو

لأنه إن دامَ عليها حدثَ فيهم من الاعتقاداتِ وتغيُّرِ الحالاتِ والأسباب ما

يقتضي أن تكون أصلحَ الأمور لهم كتبُ هذه الصلاة عليهم، وأنه إذا تركها

لم يكن منهم ما يوجبُ كونَ فرضِها صلاحُ حالهم.

ويُحتمل أيضاً أن يكون ظن أن ذلك سيُفرضَ عليه، وأن تكونَ قد جرت

عادتُه وعادةُ الصحابة في أعمال القُرب أنهم إذا داوموا عليها على وجه

<<  <  ج: ص:  >  >>