وأنّ جميع الأخبار في ذلك أخبار آحادٍ لم تقم بها الحجة، ولا يجوز القطعُ
على إنزال قرآنٍ ونسخه بأخبار آحادٍ لا حجةَ فيها، وهذا يُبطل أيضاً اعتراضَهم إبطالاً ظاهراً.
دليل آخر: مما يدلّ على صحة القرآن وبطلان ما يدعونه فيه من
النقصان والفساد ما صحَّ وثبت من شدّة نُصرة السلف للرسول - صلى الله عليه وسلم - وبذل أموالهم وأنفسهم والجهادِ بين يديه، وقتلهم لآبائهم وإخوانهم في نُصرته وتشييد دعوته وإقامة دينه وشريعته، وما كان من هجرتهم الهجرتين وما احتملوا من العذاب في الله، وحملوا أنفسَهم عليه من مفارقة العز والأهل والأوطان والدّعة، إلى القلة واحتمال الهوان والضّيم والانتقال عن الديار، وأنّ مَن هذه صفتُه وسبيلُه لا يجوز عليه أن يقصد إفسادَ ما نصره، وإبطالَ ما أيّده، والقدح فيما دان به، ورأى الاستنقاذ من النار باعتقاده والانقياد لمورده، وإذا كان ذلك كذلك وكانت الرافضة تدّعي أن فيما كتمه القوم من القرآن وغيره ما يُعلم أنّه لا غرض في كتمانه وتغييره، ولا طائل لهم فيه ولا هو مما يتعلّق بولاية أحدٍ والبراءة من غيره، ولا تقتضي تفضيل تيم وعديّ وبني أمية على بني هاشم، ولا يُنقص الولاء ولا يُفسد البراءةَ، ولا يُوجب رئاسةً، ولا يقتضي عاجل نفعٍ ورئاسة، ولا يعود بصلاح عاجلةٍ ولا آجلَةٍ في النفس، ولا في العاقبة والذرية، وإذا كان ذلك كذلك ثبت أنّ من هذه سبيلُه لا يجوز أن يحمل عاقل ليس بذي دين نفسَه عليه، فضلاً عن أهل الوَقار والدين وحسن النسك والمسألة والجهاد.
فمن التغيير الذي ادّعوه ولا غرضَ لعاقلٍ منه قولهم إنَّ أبا بكرٍ وعمر
وعثمانَ والجماعة فصلوا بين الكلام المتصل المتناسب وعضُوه حتى صار
مُنبَتراً غير مقيد، وقدّموا المدنيّ على المكي في الكتابة والرسم، فالله