وأما ما يروونَه عن عمر بن الخطاب من أنه قال:"لقد قُتِلَ يوم اليمامة
قوم كانوا يقرؤون قرآناً كثيراً لا يقرؤه غيرُهم فذهب من القرآن ما كان
عندهم "، فإنه أيضا من الأماني الكاذبة والترهات الباطلة، وممّا لا يذهبُ
فسادُ التعلق به على ذي تحصيل، لأننا قد رَوينا فيما سلف من تظاهر أبي
بكر وعُمر وجماعة الصحابة على جمعِ القرآن وعرضِه وتدوينِ عُمرَ له
وعرضه عرضةً ثانيةً وضبطِه في الصحيفة التي خلَّفها عند ابنته حفصةَ زوج
النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخذه الناسَ بذلك وتعريفهم أنّه جميعُ الذي كان أنزلَه اللهُ سبحانَه ما هو أظهرُ وأشهرُ وأثبتُ من هذه الرواية، بل هو الثابتُ المعلوم من حاله ضرورةً فثبت بذلك تكذُّبُ هذه الرواية على عمر، وأنها لا أصلَ لها، وأقل ما في ذلك أن تكون هذه الرواية معارضةً بالروايات التي ذكرناها، فلا متعلق لأحد فيها ولا سبيل له إلى تصحيحها عن عمر.
ثم يقال لهم: إن هذه الرواية لو صحَّت عن عمرَ لكانت محتملةً لتأويلٍ
صحيحٍ غير الذي قدمتموه، وذلك أنّ قوله: "لقد قتل يومُ اليمامة قومٌ كانوا