القولُ في تفسير اللغاتِ والأوجه والقراءاتِ السبعةِ التي قلنا
إنها المعنيةُ بقوله:"أنزلَ القرآنُ على سبعة أحرف "
فإن قالوا: قد أوضحتم أن معنى الأحرفِ أنها أوجه ولغاتٌ وقراءات
سبعة وأفسدتم ما عدا هذا التأويل، فخبرونا ما تلك الأوجهُ واللغات؟
قيل لهم: أول ما نقولُ في جواب ما سألتم عنه أنه إذا صحَّ ما قلناه أن
معنى هذه الأحرف أنّها أوجهٌ ولغاتٌ وقراءات متغايرة، ولم يدلُّ نصُّ
الرسولِ على أعيانِها بأسرِها وأجناسِ اختلافِها وطرُقِ اللغات فيها، ولم تتفق
الأمةُ على ذلك فيما علِمنا في عصرٍ من الأعصار اتفاقاً بلَغَنا، وقامت الحجة
به علينا، ولم ينتشرْ تفسيرُ ذلك عن السلف ولا عن إمام في هذا الباب، ظهرَ قوله وعُلمَ تسليمُ الأمة له صحةَ ما قالَه وفسره، وثبت أنه ليس في كتاب الله سبحانَه حرفٌ أو كلمة أو آية قُرِئت على سبعةِ أوجهٍ فينصرفُ الخبرُ إليها، وجبَ أن نقولَ في الجملة: إنَّ القرآنَ منزل على سبعةِ أوجهٍ من اللغات والإعراب وتغييرِ الأسماءِ والصور، وإن ذلك متفرق في كتابِ الله تعالى، ليس بموجودٍ في حرفٍ واحدٍ وكلمةٍ واحدةٍ أو سورةٍ واحدةٍ تقطعُ على إجماع ذلك فيها، وإن لم يُعرف أعيانُ تلك القراءات والأوجه واللغات، وتحيط بحقيقةِ أجناس تلكَ الضروب من الاختلاف، غير أنّنا نعلمُ أنّها سبعةُ
أوجهٍ موجودة في كتابِ الله تعالى كما أخبرَ الرسول، ولم يثبت لنا توقيف