عنه تقومُ به الحجةُ علينا في تغيير تلكَ الضروبِ من اللغات والقراءاتِ فيخبرُ
بتعيينه ويقطعُ على ذلك من أمره.
وإذا كان ذلك كذلك، وجب أن يكون اعتقاد هذه الجملة في معنى
الأحرف السبعة من غير تفصيل وتعيين مقنعاً كافيا، فسقطَ عنا بذلك تكلفُ
تفسيرِ هذه اللغات والأوجه السبعة، وهذا أبينُ في صحةِ الاعتماد على هذا
الجواب ومع هذا فإنّا لا ننكرُ أن يكونَ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - قد بيَّن للصحابة أو للعلماء منهم وحملةِ القرآن والعلم عنه عددَ تلكَ اللغات والقراءاتِ السبعة بأعيانِها، ووقفهم على عددها وأجناسها، وعلى كل شيءٍ منها أو الفرقِ بينَه وبينَ غيره، وعلى موضعِه الذي أنزلَ فيه دونَ غيره، وأوضحَ لهم ذلك إيضاحا قامت به الحجةُ على من ألقاه إليه، ثم لم يُنقل ذلك إلينا نقلاً تقومُ به الحجة، إذ كان معرفةُ تلك اللغات والأوجهِ وتفصيلُها وتنزيلُها ليس من فرائض ديننا، وكأن من قرأ بوجهٍ منها أو بما تيسر من ذلك أجزأه وكفاهُ عن غيره، فيكون العلمُ بعدد تلك الأجناس وتفصيل ذلك الاختلاف من فرائض من قامت الحجةُ به عليه، وإن لم يكن ذلك من فرائضنا، إذا لم يكن شاذاً لها نادراً تقومُ به الحجةُ علينا وينقطعُ عند سماعه عذرنا.
فبانَ أيضاً أن عدمَ علمِنا وقطعِنا على أعيانِ تلكَ القراءات السبعةِ وتفصيلِ
اختلافها وأجناسها، لا يدلُّ على أنّه لا بد أن تكون هذه حالَ الصحابة، بل
يمكنُ أن يكون حالُهم في ذلك حالُنا إذا لم يوقَفوا على أجناسِ الاختلاف.
ويمكن أن يكون قد بُينَ ذلك لهم، فهذا ما يجبُ ضبطُه في هذا الباب.
ومع ذلك قد يمكنُ أن يقالَ إنَّ السبعةَ الأحرفَ واللغاتِ التي نزلَ بها
القراَنُ محصورة معروفة بما يقربُ أن يكون هو المراد بالخبر ولا يبعد، وأن
من هذه الأوجه الاختلافُ في القراءةِ بالتقديم والتأخير نحوَ قوله: