(فصل في فضل عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه وحفظه للقرآن)
وأما عي بن أبي طالب صلواتُ الله عليه فقد عُرفت حالُه وفضلُه
وسابقتُه وجهادُه، وثاقبُ فهمِه ورأيِه وسَعةُ علمه، ومشاورةُ الصحابة له.
وإقرارُهم بفضله، وتربيةُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - له ونشوؤه عندَه، وأخذُه له بفضائل الأخلاق والأعمال، ورغبتُه في تخريجه وتعليمِه، وكثرةُ أقاويلِه فيه، وما كان يُرشِّحُه له ويُنبّهُ عليه من أمره، نحو قوله: ْ "أقضاكُم عليُّ، وإن تُوَلُوها عليّاً تجدوه هادياً مهدياً، يحملكم على المحَجّة البيضاء والطريقِ المستقيم ".
ومن البعيدِ الممتنعِ أن يقول مثلَ هذا فيه وليس هو من قُرّاءِ الأمة
للقرآن، وممَّن إن تقدَّم في الصلاة كان أقرأَهم لكتاب الله، أو من الطبقة
الذين هذه سبيلهم.
وقد كان ممّن يُقرىءُ القرآنَ ويُؤخَذُ عنه، وأحدُ من قرأ عليه أبو عبد الرحمن السُّلَميُّ وغيرُه، وكان من المشهورين بقراءة القرآن
والتبحُّر فيه، ومعرفةِ تنزيلِه وتأويله، والكلامِ في مُشكِلِه وغامضِه، وقد كان
سائرُ أصحابه الدعاةِ إلى طاعته يُظهِرون عند استدعاءِ الناس إلى نُصرته