للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثير من المهاجرين ثم من الأنصار قد حفظوا جميعَ القرآن وجمعوه.

وأحاطوا به حتى لم يذهب عليهم شيء منه، بل يجب أن تكون هذه حالَ

كافةِ أهلِ العلم والفضل والهجرةِ والسابقة من الصحابة، فإذا لم يكن الأمرُ

على هذا عُلِمَ أنّ الحجَّة َ لم تقم بهذه الأخبار التي روَيتمُوها، وأن الأمرَ في

حالِ القرآنِ وتعظيمِ شأنه لم يكن عندَ القوم ولا في صدر الشريعة على ما

وصفتم، والأخبارُ قد تظاهرت من الجهات المختلفةِ بأن الذين جمعوا

القرآن على عهد رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا أربعةَ نفرٍ فقط أو خمسة، وهذه الأخبار هي من طُرُقكم ورواياتكم، وعن الرجال الذين توثِّقون نقلَهم وتسكنون إلى أخبارهم، فروى الحَكَمُ عن مِقْسَمٍ عن ابن عباس قال: "جمع القرآنَ على عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة: معاذُ بن جبل، وأُبي بن كعبٍ، ومجمع بنُ جاريةَ، وسالمُ مولى أبي حُذَيفة، وكان ابنُ مسعود قرأ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعينَ سورة"، في أمثالٍ لهذا الخبر كلُّها وردت بأنَ قدرَ عدد الذين جمعوا القرآن على عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

ما ذكرناه، وهذا نقيضُ ما ادعَيتموه.

يُقال لهم: جميعُ ما قدّمناه من أحوال الصحابة وشدّة تديُّنهم وتمسُّكهم

بالدين والقرآن وتحفُّظه وتلقُّنه، والإقبال عليه، وحثِّ الرسول عليه السلامُ

لهم على حفظه ودراسته، وإنفاذ الدُّعاة به، إلى غير ذلك مما وصفناه، مما

<<  <  ج: ص:  >  >>