في وضع العادة في وجوب حفظ جِلّة المهاجرين والأنصار
للقرآن لما هم عليه مما وصفتموه، فما وجه القول عندَكم في الأخبارِ
المرويةِ بأنّ هؤلاءِ الأربعةَ لم يكونوا ممن حفظَ جميعَ القرآنِ ولا الأئمةُ
الأربعةُ ومن جرى مجراهم في الفضل، وهيَ واردةٌ بنقيض ما ادّعيتموه
بموجَبِ العادة والأخبار التي قدَّمتم ذكرَها، فمن هذه الأخبار ما رواه ابنُ
عُلَئة عن منصورِ بن عبد الرحمن عن أبي عبد الرحمن عن الشعبي قال:
"مات أبو بكرٍ وعُمَر وعليٌّ ولم يجمعوا القرآن "، ورُوِيَ عنه من طريق آخر
"أنّ عمرَ مات ولم يجمع القرآن، لأنه كان يُحِبُّ أن يموتَ وهو في زيادةٍ
ولا يموتُ وهو في نقصانٍ بنسيان القرآن ".
وروى عُبَيدُ بن جُبَير قال: "قلتُ لزيد بن ثابت عندَ مقتَل عثمانَ:
اقرأ عليَّ الأعراف، فقال زيدٌ: لستُ أحفظُها، ولكن اقرأها أنتَ عليَّ.
فقرأتُها فما أخذَ عليَّ ألفاً ولا واواً"، ورُوِيَ أنّ جماعةً من الصحابة أتَوا عبدَ
الله بن مسعودٍ ليقرأ عليهم (طسم) الشعراء فقال: "ما هي عندي، عليكم
بأبي عبد الله خَبّاب "، فأتينا خَبّاباً فسألناه يقرأها علينا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute