ذلك عليهم مَن بَدَّعهم فيه، فلم يحتَجُّوا لصواب فعلِهم بكتابة عثمانَ بسم
الله الرحمن الرحيم في فواتح السور، وأنه لم يكن من القرآن في شيء.
ولو كانوا يعتقدون ذلك لسارعوا إلى الاحتجاج به، ولم يَجُزْ على سائرهم
إغفال هذا الأمر الظاهر الناقض لقولِ من خالفهم وبَدَّعهم، فهذا أيضاً
يَكشِفُ عن أن إثباتَ عثمانَ والجماعةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لم يكن على
وجهِ الفصل والافتتاح، والعلامةُ تدل على أنه منزَلٌ من عند الله سبحانه.
قالوا: فإن قال قائلٌ: كيف يسوغُ لكم أن تَدَّعوا أن أحداً لم يدفع أن
تكونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ آيةً منزلةً عند كل سورة، وقد وردت الأخبارُ
عن الحسن البصري بأنه أنكر ذلك، وقال لما سُئِلَ عنها:"صدورُ الرسائل "، وصحَّ عنه أنه كان لا يفتتح الجهر بها ويقول:"إنني رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - والأئمةَ من بعدِه لم يجهروا بها".
يُقال لهم: ليس في هذه الرواية ما يدل على إنكار الحسن لكونها آيةً
منزلةً في فواتح السور، وإنما فيها أنه كان يُنكِر أن تكونَ من الحمد ولا
يعدها آيةً منها، ولا يرى الجهرَ بها، وكل ذلك لا يدل على أنها ليست بآيةٍ