للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرى تقليلاً واستجهالاً بالقصد إلى ذلك وإنّما يكون القصدُ بهذا ضربَ

المثل لما يصيرُ الشيءُ به مستحِقّاً للوصف بالقصد وإذا لم يكن هذا المثلُ

مستمراً فى نفس الكلامِ القائمِ في النفس عندَنا، لأنّ الاستفهامَ منه استفهامٌ

لنفسه لا لمعنى، وكذلك الأمرُ به والنهي والخبر وجميعُ أقسامِه، غيرَ أنّ

هذه الأصواتَ التي هي عبارةٌ عنه عندَنا تُسمّى استفهاماً إذا قُصدَ به التعبيرُ

عن استفهام في النفس لدلاتها على الاستفهام، وتُسمّى تارةً أخرى تقليلاً لما

يحسنه المذكور للقصد بها إلى التعبير عن التقليل الذي في النفس لدلالتها

عليه.

وهذا الجوابُ الثاني أيضاً قريبٌ مستمرٌ لا دخلَ فيه، وقد بيّنا أنّ ذلك

في الجملة ليس من فرائض الدِّين ولا ممّا نصَّ الرسولُ عليه، فضلاً عن أن

يكونَ نصه عليه مستفيضا متواتراً يقتضي حصولَ العلم به وارتفاعَ النزاع فيه، وهذا هو الذي حاولوه، وقد أوضحنا عن فساده بما أبطل ما حاولوه.

فأما تسميةُ الآية ِ بأنها آيةٌ على طريقة أهل اللغة فإنّما تفيد أنّها علامة، وعلى

هذا المعنى سُمِّيت الآيةُ من القرآن آيةً، لأنّها علامةٌ على موضع الفصل.

قال النابغةُ الذبياني:

توهَّمتُ آياتٍ لها فعرفتُها ... لسِتّةِ أعوامٍ وذا العامُ سابعُ

فسَمّى ما عرفها به آيةً، وقولهم في آياتِ الرسل إنها آياتٌ لما يعنون بها

أنها دلالةٌ على صدقِهم والفصلِ بينهم وبين الكذّابين، وقوله تعالى: (إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ)

يقول: علامةُ مُلكه ما ذكره، وقولهم آيٌ وآيات إنّما هو اسمُ الجمع.

فأما فائدةُ تسميةِ السور من القرآن بأنها سورة، فقد قيل فيه أشياء:

<<  <  ج: ص:  >  >>