ضَحُّوا بأشمطَ عنوانِ السجود بهِ ... يقطَعُ الليلَ تسبيحاً وقُرآنا
أي قراءةً، فأقام الاسمَ مقامَ المصدر، فأخذُ ما قيل في تسميته قرآناً لأئَه
جُمعَ وضُمَّ وضُمَّت آياتُ كلِّ سورةٍ منها إلى أخواتها، قال: وقول عمرو بن
كلثوم:
ذراعيَ عَيْطَل إذ ما بِكَرٍّ ... هجانِ اللون لم تقرأ جَنِينا
أي أنّها لم يضم رحمُها ولداً.
وقيل أيضاً: إنّما سمي قرآناً لأنه يحمله ويجمعه حَفَظتُه، وأنّه مأخوذٌ
من قولهم: قرأت المرأةُ إذا حمَلَت الجنينَ في بطنَها.
وقيل أيضاً: إنّما سُمي بذلك لألِّه يُلقى من الفم إذا تُلي وهُذّ ويظهر
بالنطق والدرس، وأنّ ذلك مأخوذٌ من قول العرب: ما قَرَأتِ الناقة سَلايقَطّ، أي: لم ترمي به وتلقيه.
وقيل: إنه سُمّي فرقاناً لأنّه يفرِّق بين الحقِّ والباطل، وقيل إنَّ معنى
قوله: (يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا) ، أي مخرَجا وطريقاً، وكأنّ القرآنَ
طريقٌ ومخرَجٌ إلى معرفة الحق من الباطل ومُفرق بينهما، وليس الكلامُ في
هذه الأسماء مما قصدنا له وما يُريده القادحون في نقل القرآن وإنّما ذكرناه
لاتصاله بالباب الذي ذكرناه، ولأنّه رُبّما مسَّت الحاجةُ إلى ذكره ومعرفته في
خِطابِ القوم، وإنَّما قصدهم ما قدّمنا ذكرَه من دعوى النصوص على
الآيات، وذهابِ الأمّة عن معرفتها ليُسهلوا بذلك سبيلَ القول بنصّ الرسول
على قرآن قد ذهبَ علمُه على الأمّة ولم ينتشر ويظهرَ نقلُه، وقد بيّنا فسادَ ما ظنّوه بما يوضّحُ الحقّ إن شاءَ الله.