لهذا القول ولا الذي قبلَه، ووجبَ أن يُحمَلَ أمرُ أُبى في ذلك إن صحَّ الخبرُ
عنه على بعضِ ما قدمناه، وإن لم يصحَّ فقد كُفِينا مُؤنة تَطَلُّب تأويلٍ له.
وهذا هو الثابتُ أعني بطلانَ هذه الروايةِ عنه وتكذُبَها، وليس يُروى ذلك إلا عن ابنِ سِيرينَ وآخرَ معه، أنهم قد وجدوا مصحَفا عند أَنس ذكر أنه مصحفُ أُبى، فيه دعاءُ القنوت، ومثلُ هذا لا يثبتُ فيه على أُبيّ إدخالُ شيءٍ في القرآن ليسَ منه.
وروى بعضُ المعتزلة القَدَرية عن عمرو بن عبيدِ أنّه قال:"رأيتُ
مُصحَفا كان لأنس بن مالك قرأه على أُبي بن كعب، فكان فيه دعاءُ
القنوت"، وهذا أوهى وأضعفُ وأولى بالرّد من الأول، قال أبو الحسن علي
بن إسماعيلَ الأشعري:"وقد رأيتُ أنا مصحف أنسٍ بالبصرة عندَ بعض
ولد أنس، فوجدتُه مساويا لمصحفِ الجماعةِ لا يغادرُ منه شيئا"، وكان
يُروى عن ولدِ أنسِ عن أنسٍ أنّه خَط أنسٍ وإملاءُ أُبي، وإذا كان ذلك كذلك وجبَ أن يكونَ ما رواه من ذلك باطلاً لما ذكرناه من العادة في بيانِ القرآن وقلة شهرة ذلك عن أُبيّ، ومعارضة الأخبارِ الثابتةِ لهذه الروايةِ بأن مصحفَ أنسٍ كان موافقاً له، وشهادةِ الطُفَيل ومحمد ابنَي أُبيّ أن عثمانَ قبضَ
مصحف أُبيّ، فوجبَ بهذه الجملة وضوحُ سقوط التعلُّل بهذه الرواية.
والاستنادِ في الطعن في نقل القرآن وإبطال شهرة بيانه، وظهور نقله، وحفظ