للشام "، قيل: يا رسولَ الله، ولِمَ ذلك، قال: "إنّ ملائكةَ الرحمن باسِطُو
أجنحتِها عليه "، وهذا حديثٌ يُنبىءُ أيضاً عن أنّ القرآنَ كان سُوَره تؤلَّف
على غيرِ تاريخِ نزوله، لأنه لو كان مرتَّبَ الآياتِ على تاريخِ النزول ما احتاجَ إلى تأليف وترتيب، ويدلُّ على ذلك أيضا ما رواه عبدُ الله بن عباس عن عثمان بن عفان رضوانُ الله عليه لمَّا سأله: لِمَ لم يجعلوا بين الأنفال وبراءة
سطر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فقال عثمان: إن الآية َ والآياتِ كانت إذا
نزلت يقول رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ضعوا هذه الآية َ في سورةِ كذا".
وكل هذه الأخبار تكشف عن صحةِ ما قلناه من وجوبِ تركِ مراعاة
تاريخِ نزول القرآن، وأنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يُراعي في تأليف آي السور تاريخَ نزول الآيات، فإذا ثبتَ ذلك لم يكن تاليفُ سُوَر القرآنِ على تاريخ نزوله إلا بخلطِ بعضِ السور ببعضٍ وإفسادِ نظمِها ونقصِ تأليفِها الذي أُمروا بقراءتِها عليه.