وفي عدم العلم بظهور الخلاف من عبد الله في ذلك وذكر السبب
الباعث له عليه، والعلمِ بأن الأمَّة َ وإمامَها لم يناظروه على ذلك بحرف
واحد ولا أغلظوا له فيه ولا ظهر عنهم أمر يجبُ ظهورهُ في مثل ذلك، ولا
عرضُوا عبد الله على السيف ولا أقاموا عليه حداً، ولا شهدوا عليه بتفسيق
وتضليلٍ تجبُ الشهادةُ به على من جحد كلمةً من كتاب الله فضلاً عمن جحد سورتين منه: أوضحُ دليلٍ على أنه لم يكن من عبد الله قطُّ جحدُ المعوذتين، وإنكارٌ لكونهما قرآناً منزلاً.
ومما يدلُّ أيضاً على كذب من أضاف إلى عبد الله جحد المعوّذتين
وعنادَه إن كان عالماً بما رُكبت عليه الطباعُ والعاداتُ، أو جهله وغفلته إن
كان مقصراً عن منزلة أهل البحث عن هذا الباب، اتفاقُ الكل من جميع فِرَقِ
الأمّة وأهل النقل والسيرة على أن عبد الله كان أحد القُرّاء المبرِّزين، ووجهاً
من وجوه المقرئين المنتصبين لتدريس كتاب الله جلّ وعز وتعليمه والأخذ له
عنه، وأنّه من المعروفين بذلك على عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وإلى حين وفاته صلى الله عليه، وأنه قد أخذ عنه القرآن ولُقنه منه ورواه عنه جماعة جلَّة مشهورون معروفون منهم عَبِيدةُ السَّلمانئ، ومسروقُ بن الأجدع، وعلقمةُ بن قيس، وعمرو بن شُرَحبيل، والحارثُ بن قيس،