للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رئاسة، على أنه لو أمكَن مثلُ ذلك منهم مع تعذُره في العادة لم يكن إمساكُ

جميع الناس عن مسألتهم في هذا الباب والمطالبة بما يصح عندهم من قول

عبد الله في ذلك، وما الذي يعتقدونه ويَدِينُون به فيه، ولكان لا بُدَّ لهم عند

ذلك من الجواب بتصويبه أو تخطئته أو تصحيح هذا القول عليه والشهادةِ

به، أو إنكاره ونفيه عنه، ولكان لا بُدَّ من أن يظهر ذلك عنهم وينتشر ويلزم القلوبَ لزوما لا يمكنُ الشك فيه ولا الارتيابُ به، وفي إطباق الأمّة من أهل السيرة وجميع أهل العلم على أنه لا شيء يُروى عن أحدِ من أصحاب عبد الله في هذا الباب: أبينُ شاهدِ على تكذُب هذه المقالة، ووضع هذه الرواية.

ومما يُبيِّن أيضاً أنّ عبد الله لم يجحد كون المعوّذتين قرآناً ووحياً منزَلاً.

علمُنا بما هو عليه من جَزالة الوصف ومفارقة وزنهما لسائر أوزان كلام

العرب ونظومه، وأن عبد الله مع براعتِهِ وفصاحته وعلمه بمصادر الكلام

وموارده وأنّه من صاهلة هُذَيل وهيَ من أفصح القبائل: لا يجوزُ أن يذهبَ

عليه أن المعوذتين ليستا بقرآن وأنّهما على وزن كلام المخلوقين وبحاره.

ويجبُ في حُكم الدّين نفيُ مثل ذلك عمن هو دون عبد الله بطبقات كثيرة في

الجلالة والقدر وحُسن الثناء والمعرفة وعظيمِ السابقة والصحبة وتدربه

بمعرفة حال القرآن ونظمه، والفرقِ بينه وبينَ غيره، وإذا كان ذلك كذلك

وجب إبطالُ هذه الرواية عنه والحكمُ بتكذُبها عليه.

ومما يدلُّ على وجوب إنكار هذه الرواية عن عبد الله وتنزيهه عنها أنّه

قد صح وثبتَ إيمانُ عبد الله وجلالتُه وفضلُ سابقته ووجوبُ تعظيمه

وموالاته، وأن الواجبَ على المسلمين من سَلَفِ الأمّة وخَلَفها خلعُ ولاية

من جحد ما قد صحَّ وثبت أنّه سورتان من القرآن ولعنُه والبراءةُ منه، والحكمُ بقتله وردّته، وإذا كان ذلك كذلك وجب إنكارُ هذا القول عن عبد الله لأنّنا

<<  <  ج: ص:  >  >>