عقبة بن عامرٍ أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المعوّذتين، وقال:"أمَّنا بهما رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الفجر"، وفي رواية أخرى قال:"سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المعوذتين، أمِنَ القرآن هما، فأَمّنا بهما في صلاة الفجر".
وروى وكيع عن هشام بن الغاز عن سليمانَ بن موسى
عن عقبة بن عامر قال:"كنا مع النبيّ صلى الله عليه في سفر، فلمّا طلع الفجرُ " أذَّنَ وأقام وأقامني عن يمينه، ثم قرأ بالمعوّذتين، فلمّا انصرفَ قال:"كيف رأيت، " قلتُ: قد رأيتُ يا رسول الله، قال:"واقرأهُما كُلما نمتَ وقُمتَ ".
فكل هذه الأقاويل وإن اختلفت صِيغُها نص من رسول الله صلى الله
عليه على أن الفلق والناسَ قرآن مُنزَلٌ من عند الله سبحانه، ولم يرد في أكثر
سور القرآن من النصوص عليها مثلُ هذه الأخبار، ولا بدّ أن يكون عُقبةُ بنُ
عامر قد سال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المعوذتين أمِنَ القرآن هما، على ما ذكرناه فيما روُيَ وظهرَ منه ما يُعلم به أو يغلبُ على الظنّ عند رؤيته وسماعه أن عقبة قد ظنّ أنّ المعوّذتين ليستا بقرآن، فلمّا اعتقد الرسولُ فيه ذلك صلى بهما الفجر من حيثُ يسمع عقبةُ وغيرهُ ليؤكّدَ في نفسه أنّهما قرآنٌ مُنزَلٌ، فلذلك قال له:"وكيف رأيت أني قد صلّيتُ بهما" ويمكن أن يكونَ عُقبةُ لم يسمع الرسول قط يُصلي بهما، فسبَقَ لأجل ذلك إلى اعتقاده تجنبَ النبيّ صلى الله عليه للقراءة في الصلاة بهما لكونهما غيرَ قرآن فصلّى بهما رسولُ الله، فقال له:"كيف رأيت، " ليعلم بذلك أنّهما قرآن، وأنّه لم يتجنّب