المقطوعَ من حروفِ المعجمِ ليس بِخَبَر، ولا يصحُ أن يكون خبراً حتى يُقالَ
إنه ما أخبرَ به الرجلُ أو أخبرَ به، وإذا كان ذلك كذلك ثبتَ أنّهم يُسمُون
الكلمةَ المجتمعةَ من حروفٍ كثيرة حرفاً.
ويبيّن ذلك أيضاً ويوضحُه أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لما أخْبَر على وجه الترغيبِ بأنّ للقاريء بكلِّ حرف عشرُ حسناتٍ بَيّنَ ذلك وفَسّره، فقال:"أما إني لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام وميم حرف " فتبينَ أنّه أرادَ بذلك الصُّورَ المقطّعةَ من حروفِ المعجمِ التي هي اب ت ث، لئلا يظنوا أنّه أرادَ بذكره الحروفَ الكلمةَ المنظومةَ التامةَ من حروفٍ كثيرةٍ ولو الم، تُسَمّ الكلمةُ عندهم حرفاً، لم يكن لهذا التفسير معنى، وكل هذا يوضِحُ عن أن الكلمة تسمى في اللغة حرفا، وكذلك الكلمةُ قد استعملت عندهم في أقلِ الكلام وأكثره واستعملت في القصيدة بأسرها والخطبةِ بطولها والرسالةِ
بتمامها.
وقال الشاعر:
إنكِ لو شاهدتِنا بالخندَمةْ ... إذ فرَّ صفوانٌ وفرَّ عكرمةْ
لم تنطقي باللومِ أدنى كلمةْ
يريد أقلّ كلمةٍ وأيسرَها لشدة ذلك وصعوبته، وما قالوا ما يسرهم.
قال الشاعر في كلمةِ كذا وكذا يريدون بذلك في قصيدته، لأنّهم ربما حكوا عنه كلاما كثيراً من كلماتٍ فقالوا مع ذلك هذا، قالوا في كلمته، وليس يجوز أن يقولَ في كلمةٍ واحدةٍ كلماتٍ كثيرة، وربّما حكوا أنه قال في كلمةٍ وصفَ حربٍ طال، أو حالَ رجلٍ شجاعٍ أو جبانٍ أو حكوا عنه شيئاً طويلاً