للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانَه وصفاتِه الذاتيةِ والفعلية أسماءٌ وصفات، وقد جاء الأثر: "إن لله

تعالى تسعةً وتسعينَ اسماً من أحصاها دخلَ الجنة"، وذلك لا يدلُّ على أنه

ليس له أكثر من هذه الأسماء، ولكن يقتضي ظاهرُ الخبر أنّ من أحصى تلك

التسعةَ والتسعينَ اسماً على وجه التعظيم لله تعالى دخلَ الجنة، وإن كان له

أسماءٌ أخر، فكيف يقال إن هذه الأسماءَ والصفاتِ سبعة فقط.

وعلى أننا قد بيّنا أنّ القراءةَ بالأحرفِ كلها مباحة مطلقة، فلو كان

معناها أنها أسماءُ اللهِ وصفاتُه لحل وساغَ أن يَقرأَ القارىءُ مكانَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ، الشكرُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وموضعَ: (قُل أَعُوذُ بِرَبِّ

اَلنَاسَ) ، قُل أعوذ بخالق الناس، وموضعَ: (الخلَّاقُ الْعَلِيمُ) ، هو الرزاق

العليم، ومكانَ: (قُل هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، قل هو الخالق الفرد، فلمّا أجمعَ

المسلمون على تضليل من صَنَعَ ذلك في قراءتِه وتأثيمهِ إذا كان قاصداً إلى

ذلك غير غالطٍ ولا ناس ولا ساه، فسد التأويل فساداً بيّنا لأنّ ذلك لو كان

كما قالوه لم يجب حفظ القرآن على وجه، ولم يكن على الناس كُلفة في

حفظِه ودرسِه وترتيبه، وإذا جاز أن يجعلوا موضعَ الربِّ الإله، ومكان

الخلاّقِ الرزّاقَ وموضعَ العزيز المنيع ومكان العليم الحكيم، هذا ممّا لا

يصيرُ إليه أحدٌ من المسلمين فبانَ بذلك فساد ما ذهبوا إليه، وقد ثبت أنه لا

يجوز إن كان ذلك مباحا في سبعة أسماء فقط من أسماء الله تعالى ثم نُسخ.

فأمّا أن يكون تأويلُ السبعة الأحرفِ التي اختصمت الصحابة فيها فلا.

وأما من قال إنَّ معنى الأحرفِ السبعةِ أنها: أمرٌ ونهي وخبر واستخبار

وتمنٍ وأمثال، فقد بيّنا فسادَ ذلك حيث قلنا إن القاريء ليس بمخير في أن

يجعلَ كل ضربٍ من هذه الضروب مكان غيره، وقد استُدِلّ على فساد ذلك

بما ليس بالقوي، فمَيل: ويدل على فساد ذلك أيضاً أن أهل العربيةِ قد

<<  <  ج: ص:  >  >>