و (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) ، دالاَ على ذلك ومقتضِ له، فيجبُ
الأمانُ من تخوُّفِ تغيير وتحريف للكتاب، لا تقومُ الحجّةُ بفساده ويوجبُ
إحباط صحيحه بفساده.
فإن قالوا: ما حصل على هذا إجماع، لأنّ عليًّا وشيعته وأُبيًّا وعبدَ الله
ابن مسعود لم يتفقوا على ذلك، فقد أوضحنا فساد هذه الدعاوى وبيّنا
دخول عليّ عليه السلام في الجماعة، وتحكيمه مصحف عثمان وقراءَته له
وإقرائه إيَّاه، وتسليمهم كذلك، وأنه لا معنى لدعواهم التقية في ذلك، ولا
صحة عليه، وإذا كان ذلك كذلك وجب استثناءُ هذا القدر من سُنن أهل
الكتاب ومنعُ وقوعه من الأمة.
فإن قالوا: الإجماعُ أصل يقطعون بصحته على الله تعالى، وهذه الأخبارُ
التي روَيْتُموها عن الرسول في تصحيح الإجماع، ونفي الخطأ عن أهله
أخبارُ آحادِ غيرُ ثابتة.
قيل لهم: هذه الأخبارُ متواترة ثابتة، ومتلقاة بالقبول ومتواترة على
المعنى، ومن أكثر شيءٍ رُوي عن الرسول، فلا معنى لجحدها ولا أقل من
أن تكون على كل حال أثبتَ وأظهرَ من خبَركم الذي تعلقتم به، فلا معنى
للغطرسة والمدافعة، ثم يقالُ لهم: إن صحّ ما قلتموه فصنيعُنا في هذا
الكتاب كصنيعِكم، لأنكم أنتم استدللْتُم على أصلِ تقطعون به على الله تعالى
بخبر واحد، فإن كنّا قد أخطأنا فخطأنا في ذلك مثلُ خطئكم، وإن كنتم على
صوابِ فيما تعلقتُم به فلا ينبغي أن ترفعوا عنه النظر وتعيّروا به خصومكم.
وفي بعض ما ذكرناهُ ما يُسقط تعلقكُم بالخبر.