قراءة البقرة وآل عمران، فلا معنى لرد ما ورد من نحو هذه الأخبار من
تعظيم شأن حَمَلة القرآن من طريقٍ ثبتت إذا احتملت من التأويل ما وصفناه، قال عبدُ الله بن عمر:"من قرأ القرآن فقد اضطربت النبوةُ بين جنبيه، فلا ينبغي لصاحب القرآن أن يلعبَ مع من يلعب، ولا يرفُثَ مع من يرفُث، ولا يتبطّل مع من يتبطّل، ولا يجهلَ مع من يجهل".
وهذا تعظيم منه لشأن القرآن وأهله بيّنٌ شديد.
ولما قدم أهل اليمن أيامَ أي بكرٍ سمعوا القرآن فجعلوا يبكون، فقال أبو
بكر:"هكذا كنا ثم قست القلوب "، يعني بذلك أن قلوبَ كثيرٍ من أهل
ذلك العصر قست، دونه ودُون الأئمة ومن جرى مجراهم من جفة الصحابة، وقد يمكن أن يكون ذلك على وجه العظة وطلب الزيادة والخشوع.
وقد روى الناس أن عمر بن الخطاب قرأ مرةً:(إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (٨) .
قال: فرن لها رنةً عيدَ منها عشرين يوما، فكيف يُضيّع كتابَ الله من هذا تأمُّله له واتعاظُه به، وانتفاعُه بقراءته واستماعه.
وكان ابن عمر إذا صلى يترنح ويتمايل حتى لو رآهُ راءٍ ممن يجهله
لقال: أُصيب الرجل، وذلك لذكر النار إذا مرَّ بقوله:(وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (١٣) .