جرت وحدثت في أيامه، وبمثابة نقل: "قفا نبكِ،، و: "ألا هبي "، وكتاب
سيبويه، وموطّأ مالك، وغير ذلك من الأمور الظاهرة المشهورة، فجحدُ
ذلك بمثابةٍ واحدة، ولا فائدة ولا طائل في مناظرة من صار إلى مثل ذلك.
وإذا لم يجُز الشك في شيءٍ مما وصفناه أو الجحدُ له لأجل خلافٍ
يُروى في ذلك أو خلاف يجوز أن يحدث فيه: لم يجز الشكُّ في أن ما في
أيدينا هو مصحف عثمان بعينه وعلى جهته، وقد بيّنّا من قبلُ أن طريقَ العلم
بأنه مصحف عثمان لم يغيّر ويبدل هو طريق العلم بأن جميع ما أتى به
الرسولُ من القرآن الثابت رسمُه على وجهه وترتيبه الذي أمر - صلى الله عليه وسلم - به، فوجب القطعُ على صحة ما قلناه، وإبطالُ جميع مطاعن الشيعة والملحدين وغيرهم من أهل الضلال والقدح في القرآن.
فإن قال قائلٌ: باضطرار يُعلم أن المرسوم في هذه المصاحف هو جميعُ
مصحف عثمان، على وجهه وترتيبه، ولسنا نعلم باضطرارِ ولا غيره أن هذا
المصحف هو جميعُ كتاب الله الثابت الرسم، المنزل على الرسول عليه
السلام بالترتيب المدعو بأن يقال له: على الفصل بينك وبين من قال
باضطرار يعلم أن هذا المصحف هو جميع المنزل على رسوله، على وجهه
وترتيبه، ولسنا نعلم باضطرارٍ ولا غيره أنّ جميعَ مصحف عثمان الذي ألفه
وجمع الناس عليه، على وجهه وترتيبه، وأن ذلك لو كان معلوما لما
اختلفت مصاحف أهل الشام ومكةَ والعراق، ولما اختلفت القرّاءُ السبعة.
ولما شكّ في ذلك أحد، فإن رام في ذلك فضلاَ لم يجده، وإن مرّ على
الأمرين ردّ عليه ما سلف من جواب جحد عثمان، وكون مصحف له، وغير ذلك مما ذكرنا، وإن عاد إلى أنّ ذلك أجمعُ مما لا خلافَ فيه بُيّنَ له سقوط التعلُّق بذلك بما بيناه من قبل.