للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصلَحة عبادِه متعلقة بتأليفهِ ونظمِه في الرّسمِ والتلاوةِ على حَسبِ ما أنزلَه، وما الحجَّة ُ في ذلك، وباضطرارٍ تعلمونَ أن المصلحةَ إذا تعلَّقت بإبراءٍ له

كذلكَ وجبَ أن يتعلَّقَ بنظمِه وتأليفِه كذلكَ أم بدليل.

فإن قالوا: باضطرار، ظهرَ أمرُهم وبانَ بهتُهم وعجزُهم.

وإن قالوا: بدليل، سألناهُم عنه، ولَن يجدوا إلى ذِكر شيءٍ سبيلا، لأن

ذلكَ لَيس مِن موجباتِ العُقول، وإنما هوَ بحَسبِ ما نعلمُ من تعلقِ مصالحِ

المكلَّفين.

ثم يقالُ لهم: ما المانع مِن أن يكونَ اللهُ سبحانَه قد علِمَ أن مصلحَة

عبادِه متعلقةٌ بتقديمِ بعضِ المدني على المكي أو جمعَه في الرَّسمِ والتأليفِ

والتَلاوة، وتقديمِ التأليفِ النّاسخِ كلهِ قبلَ المنسوخِ أو بعضِه، وأن نظمَه

وتأليفَه على غير هذا الوجه، وأخذِهم بتلاوته كذلكَ مفسدةٌ لهم ولطفٌ في

عصيانِهم وخلافِهم وعدولِهم عن الحقِّ والعملِ به والتصديقِ لمورده، فإن

حاوَلوا ذكرَ حجة ٍ في هذا الباب، لم يجِدوها، وإن مرٌّوا على إجازةِ ما

سألناهُم عنهُ أبطلوا دليلَهم بُطلانا ظاهرا.

وإن قالوا: إذا عُلم أن تلاوتَهم لِما أنزَله أوّلا حين أنزلَه كانت أصلحُ

لهمُ في الوقتِ من تلاوَة ما أخَّرَ إنزالَه عنه، وجبَ أن يُعلم أن هذا حالُهم في

تلاوته في سائرِ الأوقات.

قيل لهم: هذهِ نفسُ دعواكم وفيها اختصَمنا، فما الدليلُ على صحتها.

وما المانعُ مِن أن يعلمَ الله سبحانه أن تلاوتَهم للناسخ والمنسوخِ والمكي

حينَ أنزلَه أصلحُ من تلاوتهم الناسخِ في ذلك الوقت، وأن يعلمَ أن تلاوتَهم

في غيرِ ذلك الوقت، وفي جميع ما بعده من الأوقات للناسخِ قبلَ المنسوخِ

والمدنى قبلَ المكي من أصلحِ الأَمورِ لهم، فهل تجدون إلى دفعِ هذا سبيلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>