للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخالِقُ للعالم، ومنزلُ القرآن، ولو كان الواحدُ القديمُ هو منزل لم يكن

للكنايةِ معنى، ولوجب أن يقولَ بسمي بَدل بسم الله، وأن يقول ادعوني بدلاً من قوله ادعوا الله، أوِ ادعو الرحمن، ومِن قوله ادعُو ربكم، وأن يقولَ ادعُوني بدلاً مِن قوله (ادعوا اللهَ مخلِصين) ، لأنه - زعموا - لا وجهَ ولا معنى للكِناية عن نفسِه في هذه المواضع لو كان هو منزَلُ القرآن، والمتعبَّدَ به إذ كان لا يخافُ ولا يذهبُ ولا يُبقي ضررَ أحد، وهذا بعينه هُو الذي قالتهُ الرافِضة، وعمِلت عليه في تأويل قوله: (لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا) .

وأنه لا معنى للكِنايةِ ها هُنا بذكرِ فلان، وكذلكَ قالت الإسماعيلية: إن جميعَ

هذهِ الكناياتِ في قوله: ادعوا الله، وادعوا ربَّكم، وادعوا اللهَ مخلِصين.

والحمدُ لله، ولم يقُل لِي ولا لِنفسي، دليل على أنّ القرآنَ مِن عندِ الرُّوحاني

الذي أحدثَ العالمَ وخلقَه، وأنَّه ليس مِن عندِ الباري القديمِ، وأن هذا

الروحانيَّ المتولدَ عن العقلِ هوَ الذي فهَّمَ الرّسولَ هذا القرآنَ وصوَّره في

قلبِه، فاتحد به، وهو معنى الوحي، ومعنى جبريل والروحِ الأمينِ أنّه يُصوِّرُ

المعانيَ في قلبِ الرسول ِ بتفهيم الروحانى له وتصويرِها في قلبِه عبَّر عنها

الرسولُ باللفظ العربى والكّلامُ للرسول، ومعانيهِ المتصوَّرة في قلبه للثاني

الروحانيّ المتولدِ عن العقلِ الأوّلِ الذي خلقَه القديمُ الأزلي الذي هو عند

المسلمين - باعثُ الرّسُلِ ومنزلُ الفرائضَ والكُتبَ وخالقُ السمواتِ والأرضَ.

ولولا خوفُ الإطالةِ وخروجُ الكلامِ عن غَرَضِ الكتاب، لذكرنا من

جنسِ التفاسيرِ عن الرافضة والإسماعيلية وأشياعِهم من الطاعنين على

الشريعةِ ما فيه أعجوبة للمتأملينَ وأوضحُ دِلالةٍ على تمامِ نعمةِ اللهِ علينا

وعلى المؤمنينَ بتوفيقِه للتمسكِ بالدِّين، ولزومِ سنن المؤمنين، والعدولِ

عن التورطِ في الجهلِ والأضالِيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>