فروَى أبو بكرِ بنُ مجاهدٍ عن أبي أحمدَ بن محمدِ بنِ موسى قال:
حدثنَا ابنُ أبي سعيدٍ قال: حدَّثنا سليمانُ بنُ خلاد: قال حدثنا شبابةُ قال:
حدَّثنا أبو عمرو بنُ العلاءِ: قالَ حدَّثنا قتادةُ قال: "لما كُتبَ المصحفُ
عُرض على عثمان، فقالَ: إنَّ فيه لحناً ولتقيمنه العربُ بألسنتِها".
وروى ابنُ مجاهد عن محمدِ بنِ يحيى عن أبي جعفر المكفوفِ عن شَبَابة بنِ سُوارَ عن أبي عمروِ بنِ العلاءِ عن قتادة قال:"لما كُتبَ المصحفُ رُفعَ إلى عثمانَ
فنظرَ فيه، فقالَ: إنَّ فيه لحناً ولتقيمنه العربُ بألسنتِها".
فهذان الخبران إرسالُ قتادةَ عن عثمانَ بهذهِ الرِّواية، والمرسَلُ في مثِل
هذا غيرُ مقبولٍ لأنّنا لا نعرفُ مَنْ بينَ قتادةَ وعثمان، ولعلَّنا لو عَرفنا لم يكن
عندَنا وعند الشِّيعةِ ممَّن يُقبلُ خبره، ويُسكَن إلى قولهِ، بل لعلّهُ أنْ يكونَ من
الناصبةِ وشيعةِ الجَملِ والمنحرفينَ عن القولِ بالنّصِّ على علي، ومن هذه
صفتهُ فخبرهُ عند الشِّيعةِ مردود غيرُ مقبول، وليس لأحدٍ أن يقولَ: إنَّ قتادةَ
لا يُرسلُ إلا عن ثقةٍ عندَه، لأنّه لا دليلَ على ذلك، وقد يُرسلُ الثقةُ في
حديثهِ عمَّن إذا سُئل عنه وثَّقة وأحسنَ الثّناء عليه، ويُرسلُ عمَّن إذا سُئل عنه وصَفَ بالتهمةِ له أو الكذبِ والتدليس ووضعِ الحديث وأشياءَ إلينا عليه، فلا حُجةَ مَعنا في أنّ قتادةَ لا يرُسلُ إلاّ عن ثقة، وليس لأحدِ أن يقولَ إنه إذا أرسلَ عن غيرِ ثقة عنده فقد ألبسَ ودلس وغَشَّ من روَى له، لأنّه لا يُعلم أنّ أهل العلمِ لا يقلِّدون في ذلكَ، وأنّهم يعلمونَ أنّهم مأمورونَ بالبحثِ