بذلك إلى تكذيبِ من كانَ قبلَ نوع لما بُشروا بنوع ووصُّوا بتصديقهِ وقبولُ
قوله، فيصيرُ المكذبُ لهُ مكذبا لمن كان قبلَه، وكذلك هم مكذبونَ لمن بعدَ
نوح من الرسل، الذين يخبرونَ بنبوته ومكذبون لمن كان قبلَهُ منهم ممن خبر
بذلك، ويمكن أن يكونَ منهم من قَد أدركَ أنبياءَ قبلَ نوح، فكذبهم، أو من
اتصلت بهم دعوةُ الرسلِ وحججهُم فكذبهم، وأرسلَ نوحا فكذَّبه أيضا.
ويمكن أن يكون معنى قوله: لما كذَّبُوا الرسلَ أي كذبوه، فكذبوا الملائكةَ
التي كانت تنزلُ بالوحيِ عليه، وإذا كان ذلك كذلك اضمحل إلباسُهم.
فأمَّا قولهُ: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى) ، فليس بخبرِ عن باطلٍ لرؤيتنا
النجم غيرَ هاوٍ ورؤيةِ ذلكَ وقتَ مَبعث النبي صلّى اللهُ عَليه، لأنّه قد قيلَ إنّ
النجومَ قُرْبَ مبعث النبي صلّى الله عَليه كَثرُ انقضاضها وراعَ ذلك قريشا
والعرب، وسألوا بعض الكهانِ عن ذلك فقال: إن كانت النجومُ العوامل
تنقضُ فهي القيامة، يعني البروجَ الإثنا عشرَ والطوالعَ السبعة، وإن لم تكن
هي فيسظهرُ أمر عظيم، فظهرَ بعثُ النبي صلَّى الله عَليه وآياته، فلمّا كَذبت
قريش قال اللهُ سبحانَه: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢) .
أي: هو الذي دلَّ انقضاضُ النجومِ على أمرِه، فلا إحالةَ في هذا ولا اختلاف.