للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقطع الرسول - صلى الله عليه وسلم - العذرَ في بابه: لديكم أيضا فيما كتموه منه نسخُ جميع ما في أيدينا من الأحكام وكتمان شرائعَ وفرائضَ أُخرَ تأتي بعد الرسول، وإطلاقُ جميع المحرمات من حيث لا يمكنكم دفع ذلك ولا الخلاصُ منه.

فأما نحن فإننا نُحِيل هذا أجمع على الأمة، على قدر عدد أهل التواتر

منها، ونقول: إنه لا بد في مستقَرّ العادةِ من توفر دواعيها وهممها على نقل

الناسخ والمنسوخ من دينها وضبطها لذلك، فشتانَ بيننا وبينكم.

فإن رجعتم إلى أنّ الإمامَ والأئمةَ من ولده هم العالمون بعلم ذلك، ومعرفته وأنهم لم يُروَ عنهم شيء في هذا الباب: لزمكم أن يكونوا قد قالوا

ذلك ووقفوا عليه، غير أن الناس كتموا ذلك وكذبوا عليهم، وأنتم أول من يكذب عليهم ويُكْتم ما قد نُقل عنهم، ويفتعل عليهم ما لا أصل له، وإن ادعيتم أو واحد منكم أنكم لقيتم الإمامَ فأخبركم بأن الشرع مُبقىً وأن ما ألزمناكم لا أصل له فقد عرفتم الجواب عن هذا، وأن من جوابه ما يجبُ

تنزيهُ الكتاب عن ذكره، وأقلّ ما فيه أنكم تكذبون وتعلمون أنكم تكذبون.

وفي الشيعة من يقوِل إنه قد لقي الإمام وعرفه أن القرآن الذي في أيدينا

على ما أنزل عليه لم يُغيّر ولم يبدل، وكذلك يدّعي أهلُ كل مذهبٍ ورأيٍ

وإن به الشيعة أنهم قد لقوا الإمام فوقَّفهم على صحة ما رووه ودانوا به.

وهذا كلُّه من التُّرهات وما يسترضون به الجهال والأوغاد الطغامَ.

وبعد: فلو سلَّمنا لكم أن ههنا إماما معصوما وأنكم قد لقيتموه: من أين

كنا نعلم صدقكم عليه وأنكم غير كاذبين فيما تروونه عنه، وأنتم باعترافكم

غير معصومين من الكذب والسهو والغلط، والاعتمادُ لكونكم على هذه

الصفة احتجتم إلى إمامٍ معصوم وافر؟ وإذا كان ذلك كذلك فلا سبيلَ لهم

إلى دفع ما ألزمناهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>