عليهم ولا يُعرَفُ من حالهم لجازَ أن يقع منهم تواطؤ وتراسلٌ على كتمان
فرائضَ كثيرةٍ، وأحكامٍ وحدودٍ هيَ أكثرَ مما نقلوه لأسبابٍ دعتهم إلى ذلك.
ثم لا يُعرَفُ ذلك من حالهم وأن يتفقوا على كتمان وقائعَ كثيرةٍ وغزواتٍ
وحروبٍ هُزموا فيها، ونال الرسول في سائرها جراحٌ وكُلُومٌ، وقُتِلَ كثيرٌ من أصحابه وجِلّةُ الأئمّةِ الأربعة، وأن يتفقَ لهم التواطؤ على كتمان أسر قريشٍ للنبي - صلى الله عليه وسلم - مراتٍ، وأن يُطبقوا على كتمان معارضة القرآن وسائرِ آيات النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم ينكتمُ ذلك عليهم، ولا يُعرَفَ الاتفاقُ عليه من أحوالهم، فكذا لا نأمنُ أن يكون قد كتَموا فَرْضَ عشر صلواتٍ كانت مفروضةً مع هذه الخمسة، وَفَرْضَ صيام شهور أُخرَ فُرِضَ صومُها كفَرضِ رمضان، وحجّ واجبٍ وحدودٍ وأحكامٍ هي أكثرُ مما في أيدينا، وأن لا نأمنَ أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد غزى ألفَ غزاةٍ وأُسِرَ ألف مرةٍ وقُتل من أصحابه خلقٌ هم في مَحَل أبي بكر وعمر وعثمان وعلى وحمزةَ بن عبد المطلب وسعد بن معاذ، غير أنّهم كتموا ذلك أجمع، واتَّفقوا على
طيِّه.
وأن لا يأمن بأن يكون القرآنُ قد عُورضَ بمثله وسائر آياته، واتَفقت
الأمّةُ أو معظمُها على جَحدِ ذلك وإنكاره، فإن مرُّوا على ذلك هذا كُفِينا
مؤونةَ الكلام معهم، وصاروا إلى القدح في الرسالة وجحدِ العادة.