مع الناس مِن حفظها إلا كلمةً أو كلمتين: "لو أنَّ لابن آدم واديانِ من ذهبٍ
لا بتغى إليهما ثالثاً، ولا يملأ عينَ ابنِ آدمَ إلا التراب، ويتوبُ الله على من
تاب "، ولا عندَهم مصحفٌ يدَّعون تواترَ الشيعة أو غيرهم في نقله عن
عليّ عليه السلام أو عن أحدٍ من الأئمة من ولده.
وإذا لم يكن القرآنُ الصحيحُ السليمُ من عوارض الإلباس والشُبه عندَنا
ولا عندَهم ولا عندَ غيرهم من فِرَقِ الأمة، وجبَ لذلك أن يكونَ غيرَ
مجموعٍ لنا ولا محفوظٍ علينا، وهذا تكذيبٌ لله تعالى في خبره، وقُبحُ افتراءٍ
وجُرأةٍ عليه، فوجَبَ بذلك القطعُ على سلامة مُصحفِ عمرَ والجماعة.
وكذبُ كلِّ من ادَّعى دخولَ خللٍ فيه ببعض الوجوه.
فإن قالوا: ما أنكرتم أنه وإن لم يكن محفوظاً عندَنا ولا عندَكم ولا عندَ
أحدٍ من فِرَقِ الأمّة أن يكون محفوظا على وجهٍ وهو أن يكونَ مودعاً عندَ
الإمام القائم المعصوم المأمور بإظهارِه لأهله، في حين ظهورِ وانبساطِ سيفه
وسلطانه، فهذا ضربٌ من الحفظ له، يقال لهم: أقلُّ ما في هذا أنه لا أصلَ
لما تدَّعونه من وجودِ إمامٍ معصومٍ منصوص عليه، ْ وقد أوضحنا ذلك ودللنا
عليه بوجوه من الأدلة في كتابَي الإمامة، وغيرها من الشروح والأمالي بما
يغني اليسيرُ منه، وإذا كان ذلك كذلك ثبت أنه لا أصلَ لوجود هذا الإمام
ولا معنى في التعلق في حفظ القرآن وجمعه بإيداعه إياه.
ثم يقال لهم: فيجب أن يكون الله سبحانه ما حفظ القرآنَ ولا جمعه
لأحدٍ من المكلفين منذ وقتِ وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وإلى وقتنا هذا، لأنَ عليا عندَكم كان في تُقيةٍ في أيام نظرة وقبلها وإلى أن توفي عليه السلام، ولا يظهر ما عنده ظهوراً تقوم به الحجة، وإنما كان يعتمد في الظاهر على مصحف عثمان والقوم كذلك، وإلى وقتنا هذا، وإنما يجبُ أن يكون القرآنُ محفوظا