ومن العجيب أن بعضهم يذهب إلى الضد فيتهم هذا الحديث بأنه موضوع ومكذوب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟!
ويرتبون على هذا أن السنة لا تصلح أن تكون مصدراً للتشريع، لعدم الثقة فيها، وضعف سندها؟!
تفنيد هيه الشبهة ونقضها:
هذه الشبهة لا مساس لها من بعيد أو من قريب بصحة مصدرية السنة للتشريع، ونوضح ذلك في الخطوات التالية، بادئين بمغالطاتهم في قضية التواتر:
* ليس المتواتر قليلاً إلى الحد الذي ذكروه (سبعة عشر حديثاً، أو حديث واحد) فهذا جها منهم بحقيقة التواتر الاصطلاحي، أو عناد ومكابرة.
وذلك لأن علماء هذا الفن (علماء الحديث) قسموا الحديث المتواتر قسمين:
الأول: المتواتر اللفظي، وهو الحديث الواحد الذي يرويه جمع يستحيل نواطؤاهم على الكذب، يرويه ذلك الجمع بلفظه ومعناه كحديث رقع اليدين في الصلاة، وحديث المسح على الخفين.
الثاني: الحديث المتواتر تواتراً معنوياً لا لفظياً، كحديث رفع اليدين في الدعاء. فقد روى فيه نحو مائة حديث في هذا المعنى. مختلفة ألفاظها، ومعناها واحد.
وقد وضع العلماء مصنفات في المتواتر اللفظي، بلغت عند بعضهم مائة وعشرة أحاديث. وزاد بعضهم على هذا العدد (ينظر: نظم المتناثر من الحديث المتواتر - المقدمة -) للكتاني.
فإذا انضم إلى هذه العدد المتواتر المعنوي ظفرنا بكم هائل من الأحاديث المتواترة، على أن بعض العلماء يجعل من أمارات التواتر تلقى الأمة للحديث بارضا والقبول. وبهذا ندخل في المتواتر جميع ما رواه الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما لأن إجماع الأمة على قبولهما قائم منذ وضعا وإلى يوم الناس هذا.